للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُخفَّف سواء كانت مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة، نحو: أَبَ، وأَحْمَد، وإبراهيم، وإبِل، وأُمّ، وأُتْرُجَّة. وذلك لضعفها بالتخفيف، وقُرْبها من الساكن. فكما لا يُبتدأ بساكن، كذلك لا يُبتدأ بما قرُب منه، وإنّما تُخفَّف الهمزة حيث يجوز أن يقع فيه الساكنُ، وذلك إذا كانت غير أوّل، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: ولا تخلو إما أن تقع ساكنة فيبدل منها الحرف الذي منه حركة ما قبلها كقولك "راسٌ" و"قرات" و"إلى الهداتنا" (١) , وبير وجيت والذيتمن (٢) ولوم وسوت ويقولوذن (٣).

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ الهمزة والألف تتقاربان في المخرج، فالهمزة أدخلُ إلى الصدر، ثمّ تليها الألف. ولذلك إذا حرّكوا الألفَ، اعتمدوا بها على أقرب الحروف منها إلى أسفلَ، فقلبوها همزةً، فالهمزةُ نَبْرَةٌ شديدةٌ، والألفُ ليّنةٌ. فإذا سكنت الهمزةُ، وأُريد تخفيفها , دبرها حركةُ ما قبلها. فإن كان ما قبلها فتحةً صارت الهمزة ألفًا، وإن كان ضمّة صارت واوًا، وإن كان كسرة صارت ياءً؛ لأنّك، إذا خفّفتها فأنت تُزيل نبرتَها، وإذا زالت نبرتُها لانت وصارت إلى جنس الألف؛ لأنّها أقربُ الحروف إليها من فَوْق. وسوّغ ذلك الفتحةُ قبلها؛ لأنّ الألف لا يكون ما قبلها إلَّا مفتوحًا. وإذا انضّم ما قبلها صارت واوًا، وإذا انكسر ما قبلها صارت ياءً.

كذلك الهمزةُ إذا ليّنتها صارت من جنس الألف لسكونها وقُرْبِها منها، وتبعت حركة ما قبلها، فصارت إليها. وذلك نحو قولك في "رَأْس": "رَاسٌ"، وفي "فَأْس": "فَاسٌ"، وفي "قَرَأتُ": "قَرَاتُ". تقلب الهمزة ألفًا للفتحة قبلها. وتقول في "جُؤْنَة": "جُونَةٌ"، وهي للعَطّار كالخَريطة من أَدَمِ، وفي "لُؤْم": "لُومٌ"، وفي "سُؤْتُ": "سُوتُ". وتقول في "ذِئْب": "ذِيبٌ"، وفي "بِئْر": "بِيرٌ"، وفي "جِئْتُ"، "جيتُ". وهو قياس مطّرد في كلّ ما كان بهذه الصفة، ولا تجعلها ها هنا بين بين لأنّها ساكنةٌ، ولا يتأتّى ذلك في الساكنة. ولا تحذفها أيضًا؛ لأنّه لا يبقى معك ما يدلّ عليها، وكان الإبدال أسهلَ، وحكمُ المنفصل في ذلك كحكم المتّصل. فمن ذلك قوله تعالى: {إلَى الهُدَاتِنَا} (٤)، و {يَقُولُوذَنْ} (٥)،


(١) أي: {إلى الهدى ائتنا} [الأنعام: ٧١].
(٢) أي: {الذي اؤتمن} [البقرة: ٢٨٣].
(٣) أي: {يقول ائذن} [التوبة: ٤٩].
(٤) الأنعام: ٧١.
(٥) التوبة: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>