للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {الَّذِيتُمِنَ} (١)، والأصل: {إلَى الهُدَى اَئْتِنَا} (٢)، بهمزتَين الثانيةُ فاء الفعل ساكنةً، والأولى همزةُ الوصل جيء بها وصلة إلى النطق بالساكن. فلمّا اجتمع همزتان الأولى مكسورةٌ، والثانيةُ ساكنةٌ؛ قلبوا الثانية ياءً على حدّ "بِير"، و"جِيتُ"، إلّا أنّ البدل يقع ها هنا لازمًا لاجتماع الهمزتَيْن، وليس كذلك في "بير"، و"جيت". هذا إذا بدأت به من غير تقدُّم كلام. فلما تقدّم "الهدى"، سقطت همزة الوصل للدرج؛ لأنّ هذه الهمزة لا تثبت في الوصل لزوال الحاجة إليها، وإمكانِ النطق بالساكن حين اتّصل بما قبلها. فلمّا سقطت الهمزة الأولى، عادت الياء همزةً ساكنةً على ما كانت عليه؛ لزوال سبب انقلابها، ثمّ اجتمعت مع ألف "الهدى"، فحُذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار اللفظ "الهُدَأْتِنَا" بهمزة ساكنة بعد الدال المفتوحة. فإذا خُفّفت الهمزة حينئذ، تُقْلَب الهمزة ألفًا على حد "راس" و"فاس"، وصار اللفظ "الهُدَاتِنَا" بألف ليّنة بعد الدال. وتكون هذه الألف بدلاً من الهمزة التي هي فاء الفعل، وليست التي هي لام "الهدى". وكذلك {يَقُولُوذَنْ}، و {الَّذِيتُمِنَ} فالعملُ فيهما واحد أن قلبت الهمزة في {يَقُولُ ائْذَنْ} واوًا لانضمامِ ما قبلها، وفي {الَّذِى اؤْتُمِنَ} ياءً لانكسار ما قبلها , فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: وإما أن تقع متحركة ساكناً ما قبلها، فينظر إلى الساكن: فإن كان حرف لين نظر: فإن كان ياء أو واواً مدتين زائدتين أو ما يشبه المدة كياء التصغير قلبت إليه وأدغم فيها كقولك: خطية ومقروة وأفيس. وقد التزم ذلك في نبي وبريه.

* * *

قال الشارح: متى كانت الهمزة متحرّكة، فلا يخلو ما قبلها من أن يكون ساكنًا، أو متحرّكًا. فإن سكن، فلا يخلو من أن يكون صحيحًا، أو حرفًا من حروف المدَّ واللين. فإن كان من حروف المدّ واللين، نُظر: فإن كان ياءً أو واوًا، فإنّ تخفيفها على وجهين: أحدهما أن تقلب الهمزةَ من جنس الواو إن كان قبلها واوٌ، ومن جنس الياء إن كان قبلها ياءٌ، وتَدّغِم فيها ما قبلها. والوجه الآخر أن تُلقِي حركتها على ما قبلها من الواو والياء، وتحذفها كسائر الحروف. فأمّا الواو والياء اللتان تُبْدَل الهمزة بعدهما من جنسهما، وتدّغمان، فإذا كانتا ساكنتْين مزيدتَيْن غيرَ طَرَفَيْن، وقبلهما حركةٌ من جنسهما، وذلك نحو قولك في "خَطِيئة": "خَطيَّةٌ"، وفي "النَّبِيء": "النَّبِيُّ" وفي "مَقْرُوءَة": "مَقْرُؤَّةٌ"، وفي "أَزْدُ شَنُوءَةَ": "شَنُوَّة". وإنّما كان كذلك؛ لأنّه لا يُقدَر على إلقاء حركة الهمزة عليهما؛ لأنّ الواو والياء هنا مزيدتان للمدّ، فأشبهتا الألفَ لسكونهما وكون حركةِ ما قبلهما من


(١) البقرة: ٢٨٣.
(٢) الأنعام: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>