للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب الكتاب: وقد التزم ذلك في باب "يري" و"أري يرى"، ومنهم من يقول: "المراة" و"الكماة" فيقلبها ألفاً وليس بمطرد، وقد رآه الكوفيون مطرداً.

* * *

قال الشارح: أمّا "يَرى" و"يُري" و"أَرى"، فإنّ الأصل: "يَرْأى" و"يُرْئِي" و"أَرْأى"؛ لأنّ الماضي منه "رَأى"، والمضارع "يَرْأى" بالفتح لمكان حرف الحلق، وإنّما حذفوا الهمزة التي هي عين الفعل في المضارع، ويحتمل ذلك أمرَيْن:

أحدهما: أن تكون حُذْفت لكثرة الاستعمال تخفيفًا، وذلك أنّه إذا قيل: "أَرْأى"، اجتمع همزتان بينهما ساكنٌ، والساكنُ حاجزٌ غيرُ حصين، فكأنّهما قد تَوالتا، فحُذفت الثانية على حدّ حذفها في "أُكْرِمُ"، ثمّ أُتْبع سائرَ الباب، وفُتحت الراء لمجاوَرة الألف التي هي لامُ الكلمة، وغلب كثرةُ الاستعمال هاهنا الأصلَ حتّى هُجر ورُفض.

والثاني: أن يكون حذفُ الهمزة للتخفيف القياسيّ بأن أُلقيت حركتها على الراء قبلها، ثمّ حُذفت على حد قوله تعالى: {يُخْرِجُ الخَبَ} (١)، و {قَدَ فْلَحَ المُؤْمِنُونَ} (٢)، فصار "يرى" و"يُرِي" و"أَرى"، ولزم هذا التخفيفُ والحذفُ لكثرة الاستعمال على ما تقدّم. وإلى هذا الوجه يُشير صاحب الكتاب، وهو أوجهُ عندي لقُرْبه من القياس، وقد ذكره ابنُ جِنِّي مع التخفيف غير القياسيّ؛ لأنّ التخفيف لزم على غير قياس حتى هُجر الأصل، وصار استعمالُه والرجوعُ إليه كالضرورة، نحو قوله [من الوافر]:

١٢٤٦ - أُرِي عَيْنَىَّ ما لم تَرْأَيَاهُ ... [كِلانا عَالِمٌ بالتُّرَّهاتِ]


(١) النمل: ٢٥. وهي قراءة عبد الله بن مسعود وغيره.
انظر: البحر المحيط ٧/ ٦٩؛ وتفسير القرطبي ١٣/ ١٨٧؛ والكشاف ٣/ ١٤٥؛ ومعجم القراءات القرآنية ٤/ ٣٤٧.
(٢) المؤمنون: ١. وهي قراءة ورش وحفص وغيرهم.
انظر: إتحاف فضلاء البشر ص ٣١٧؛ ومعجم القراءات القرآنية ٤/ ٢٠١.
١٢٤٦ - التخريج: البيت لسراقة البارقي في الأشباه والنظائر ٢/ ١٦؛ والأغانى ٩/ ١٣؛ وأمالي الزجاجي ص٨٧؛ وسرّ صناعة الإعراب ص٧٧، ٨٢٦؛ وشرح شواهد الشافية ص٣٢٢؛ وشرح شواهد المغنى ص٦٧٧؛ ولسان العرب ١٤/ ٢٩٢ (رأى)؛ والمحتسب ١/ ١٢٨؛ والممتع في التصريف ص ٦٢١؛ ونوادر أبي زيد ص١٨٥؛ ولابن قيس الرّقيات في ملحق ديوانه ص١٧٨؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص٢٣٥؛ والخصائص ٣/ ١٥٣؛ وشرح شافية ابن الحاجب ص٤١.
اللغة: الترهات: الأباطيل.
المعنى: لقد ادعيت أن عيني رأت الملائكة باطلاً، وذلك حنكة للفرار من الأمر، فأنا وأنت، نعلم علم اليقين الكذب من الحقيقة.
الإعراب: "أري": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنا. "عيني": مفعول به منصوب الياء لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة وهو مضاف، والياء:

<<  <  ج: ص:  >  >>