للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عُرفت هذه القاعدة، وتَمهّد الأصلُ، كان قولهم: "تمُودَّ الثوبُ" من "ماددتُ زيدًا الثوبَ"، أي: كلٌّ منهما مَدَّه، ثمّ دخلت تاء المطاوعة، فأُسند الفعل إليهما، وبقي "الثوبُ" منصوبًا على ما تقدّم، وصار الفعل من قبيل الأفعال المتعدّية إلى مفعول واحد. فلمّا بُني لِما لم يسمّ فاعلُه، أسند الفعل إلى الثوب، فقيل: "تُمُودَّ الثوبُ"، كما تقول: "ضُرب زيدٌ"، و"شُتم خالدٌ".

وإنّما ساغ الجمعُ بين ساكنَيْن عند وجود الشرطَيْن، وذلك من قبل أنّ المدّ الذي في حروف المدّ يقوم مقام الحركة، والساكنُ إذا كان مدّغمًا يجري مجرى المتحرّك؛ لأنّ اللسان يرتفع بهما دفعةً واحدةً، فلذلك لا يجوز اجتماعُ الساكنين، إلّا إذا كانا على الشرط المذكور.

فإن لم يكونا على الشرط المذكور، فلا بدّ من تحريك أحدهما، أو حَذْفِه، فإن كان الساكن الأوّل حرفَ مدّ ولين - وهو أن يكون ألفًا أو ياءً ساكنةً قبلها كسرةٌ أو واوًا ساكنةً قبلها ضمّةٌ - فإنّه، إذا لقيها ساكنٌ بعدها، حذفتَها.

فأمّا حذفُ الألف، فقولُك: "لم يَخَفْ"، و"لم يَهَبْ"، والأصلُ: "يَخَافُ"، و"يَهَابُ". فلمّا دخل الجازمُ، أُسْكِن اللام التي هي الفاء والباء، فاجتمعت مع الألف قبلها، فحُذفت لالتقاء الساكنين، إذ لا سبيل إلى تحريكها؛ لأنّ تحريكها يؤدّي إلى ردّها إلى أصلها الذي هو الواو والياء، وردُّها إلى أصلها يؤدّي إلى ثقل استعمالها.

ومن ذلك قولك: "هذه حُبْلَى الرجلِ"، و"مِعْزَى القوم". تحذف الألف لسكونها وسكون لام التعريف. وكان ذلك أولى من أن يقلبوها، فيصيروا إلى ما هو أثقلُ منها، وهو إمّا الواو أو الياء، فحذفوا حين أمنوا الإلباسَ.

ومن ذلك قولهم: "رَمَتْ"، سقطت الألفُ لسكونها وسكون تاء التأنيث بعدها، كما حذفوها في "حبلى الرجل".


= و"نا": ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل. "الحديث": مفعول به منصوب بالفتحة. "وأسفرت": حرف عطف، وفعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء للتأنيث. "وجوه": فاعل مرفوع بالضمّة "زهاها": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الالف للتعذّر، و"ها": ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به. "الحسن": فاعل مرفوع بالضمّة. "أن": حرف مصدري ناصب. "تتقنعا": فعل مضارع منصوب بالفتحة، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره. هي، والألف للإطلاق، والمصدر المؤول من "أن تتقنع" في محلّ جر بحرف جر محذوف، والتقدير: زهاها الحسن عن أن تتقنع.
وجملة "تفاوضنا" في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة "أسفرت وجوه": معطوفة على سابقتها في محلّ جرّ. وجملة "زهاها الحسن": في محلّ رفع صفة للوجوه.
والشاهد فيه قوله: "تفاوضنا الحديث" حيث تحوّل الفعل "فاض" إلى الفعل "فاوض" يتعدّى إلى مفعولين، ثم تدخله تاء المطاوعة، فيغدو: "تفاوض".

<<  <  ج: ص:  >  >>