"المَصادِر"، و"الصِّراط", لأنّ الطاء كالدال. قال سيبويه: والمضارعة أعربُ وأكثرُ من الإبدال، يريد مع الصاد الساكنة، والبيانُ أكثر.
قال (١): ونحو الصاد في المضارعة الشين والجيم، قالوا:"أَشدَقُ" في "أَشْدَقُ"، فضارَعوا بالشين نحو الزاي؛ لأنّها، وإن لم تكن من مَخرج الزاي، فإنها قد استطالت حتى خالطت أعلى الشين، فقُربت من مخرجها، وهي في الهمس والرخاوة كالصاد، فجاز أن تُضارعَ بها الزايُ، كما تُضارعَ بالصاد؛ لأنّها من موضع قد قرُب من الزاي.
وكذلك الجيم قرّبوها من الزاي؛ لأنّها من مخرج الشين، فقالوا في "أَجْدَرُ": "أَجْدَرُ". ولا يجوز إبدالُها زايًا خالصةً؛ لأنّها ليست من مخرجها.
وجملةُ الأمران هذا الإبدال والمقاربة على ثلاثة أضرب. حرفٌ يجوز فيه الإبدالُ والمضارعةُ، وحرفٌ لا يجوز فيه إلَّا الإبدالُ، وحرفٌ لا يجوز فيه إلَّا المضارعةُ.
فأمّا الأول، فما اجتمع فيه سببان، نحو الصاد مع الدال، فالصادُ حرف مهموس مطبق، فضارعوا بالصاد نحو الزاي، ولم يُبدِلوها زايًا محافَطْةً على الإطباق؛ وأمّا الإبدالُ فيها فلقوّة مناسبةِ الصاد الزايَ لأنّها من مخرجها، وأختُها في الصفير.
وأمّا الثاني، فالسينُ مع الدال ليس فيه إلَّا البدل؛ لأنّ السين ليس فيها إطباقٌ يُحافَظ عليه، فتجوز المضارعةُ لأجله كما جازت في الصاد.
وأمّا الثالث، فهو ما ليس فيه إلَّا المضارعة، فالشين المُعْجَمة مع الدال؛ لأنّه مهموس جاوَرَ مجهورًا، وفيه تَفَشٍّ يتصل بتفشّيه حتى يُخالِط موضعَ الزاى، فاقتضى ذلك أن ئضارَع به الزايُ، فلا يُبدَل زايًا لبُعْد ما بينه وبين مخرج الزاي، وكذلك الجيمُ مع الدال , فاعرفه.
(١) الكتاب ٤/ ٣٩٩، وفيه: "وقالوا: حيوة كأنه من حيوت وإن لم يُقَلْ".