و"دَعَا يَدْعُو"، و"عَطَا يَعْطُو"، فقلبوا الواو فيها ياءً حملًا على المضارع الذي هو "يُغزِي"، و"يُدْعِي"، و"يُعْطِي" طلبًا لتماثُل ألفاظها وتشاكُلِها من حيث إن حكم كلها جنسٌ واحدٌ، وكذلك ما كان من الياء، نحو:"يَبِيع"، و"يَعِيب"، الأصل:"يَبْيع"، و"يَعْيِب" بكسر العين، فنُقلت الكسرة إلى الفاء إعلالًا له حملًا على الماضي في "باعَ" و"عابَ"، على ما ذكرناه في ذوات الواو.
وكذلك مضارعُ ما كان على "فَعِلَ يَفْعَل" منهما، نحو:"يخاف", و"يَهاب"، الأصل:"يَخوَف"، و"يَهْيَب"، فأرادوا إعلالَه على ما تقدّم، فنقلوا الفتحةَ إلى الخاء والهاء، ثمّ قلبوا الواو والياء ألفًا لتحرّكهما في الأصل وانفتاح ما قبلهما الآن. ومن ذلك أسماء الفاعلين، لما اعتلّت عينُ "فَعَلَ"، ووقعت بعد ألف "فاعل" همزة، نحو:"قائمٍ"، و"خائِفٍ"، و"بائعٍ"، وجميعُ ما اعتل فعلُه فـ "فاعلٌ" منه معتل، وذلك لأنّ العين كانت قد اعتلّت، فانقلبت في "قالَ" و"باعَ" ألفًا، فلمّا جئتَ إلى اسم الفاعل، صارت قبل عينه ألف "فاعِلٍ"، والعينُ قد كانت ألفًا في الماضي، فالتقى في اسم الفاعل ألفان، نحو: قَااامٌ، وذلك ممّا لا يمكن النطقُ به، فوجب حذفُ أحدهما أو تحريكُه، فلم يجز الحذفُ لئلّا يعود إلى لفظِ "قَام"، فحُرّكت الثانية التي هي عين، كما حُرّكت راء "ضارِب"، فانقلبت همزة لأنّ الألف إذا حُرّكت صارت همزةً، فصار "قائمٌ" و"بائعٌ" كما ترى.
ووجهٌ ثانٍ أنّه لما كان بينه وبين الفعل مضارَعةٌ ومناسَبةٌ من حيث إنّه جارٍ عليه في حَرَكاته وسَكَناته وعدد حروفه، ويَعْمَلَ عَمَلَه، اعتل أيضًا باعتلاله، ولولا اعتلالُ فعله لَما اعتلّ، فلذلك قلتَ:"قائم"، و"خائفُ"، و"بائعٌ"، والأصل:"قاوِمٌ"، و"خاوِفٌ"، و"بايعٌ"، فأرادوا إعلالَها لاعتلال أفعالها. وإعلالُها إمّا بالحذف، وإمّا بالقلب. فلم يجز الحذفُ؛ لأنّه يُزيل صيغةَ الفاعل، ويصير إلى لفظ الفعل، فيلتبس الاسمُ بالفعل. فإن قيل: الإعرابُ يفصل بينهما، قيل: الإعرابُ لا يكفي فارِقًا؛ لأنّه قد يطرَأ عليه الوقفُ، فيُزيله، لمحيبقى الالتباسُ على حاله، فكانت الواو والياء بعد ألف زائدة، وهما مُجاوِرتا الطرف، فقُلبتا همزةً بعد قلبهما ألفًا على حدّ قلبهما في "كِساء" و"رداء". ومثلُه "أوائلُ". كما قلبوا العين في "قُيِّمٍ"، و"صُيَّمٍ" لمجاوَرة الطرف على حدّ قلبهما في "عُصِيٍّ"، و"حُقِيٍّ".
فإن كان اسمُ الفاعل من "أَقالَ" و"أَباعَ"، فاسمُ الفاعل منه "مُقِيلٌ"، و"مُبِيعٌ"، والأصل:"مُقْوِلٌ"، و"مُبْيعٌ" فنُقلت الكسرة من العين إلى الفاء، ثمّ قُلبت الواو إن كانت من ذوات الواو لسكونها وانكسارِ ما قبلها، ونُقلت الكسرة من الياء في "مُبْيع" إلى ما قبلها، فصار فيما كان من ذوات الواو نقلٌ وقلبٌ، وفي ذوات الياء نقل فقط.
وكذلك اسمُ المفعول يعتلّ باعتلال الفعل أيضًا, لأنّه في حكم الجاري على