للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا "قاوَلَ"، فلأنّ قبل الواو ألفًا، والألفُ لا تقبل الحركة، ولا تُنْقَل إليها الحركةُ. وأمّا "قَوَّلَ"، فإن إحدى الواوين زائدةٌ وحين وجب الإعلال لم يمكن النقلُ, لأنّه يُزوِّل الادّغامَ، وكان يلزم قلبُ الواو ألفًا، فيزول البناء، ويتغيّر عمّا وُضع له.

وكذلك "تَقاول" و"تَقوّل"، لا يُعَلّ لأنّ التاء دخلت بعد أن صحّا، فلم يُغيَّرا عمّا كانا عليه، فلذلك احترز، فقال: "التي لم يكن ما قبل حرف العلّة فيها ألفًا, ولا واوًا، ولا ياءً، نحو: "قاوَلَ"، و"تَقاول"، و"عَوّذ"، و"تَعوّذ"، و"زَيّن"، و"تَزيّن".

وقوله: "وما كان منها"، يريد ما تصَرّف منها كالمضارع، فإنّه يصحّ أيضًا كما تصحّ هذه الأفعالُ، نحو: "يُقاوِلُ"، و"يُعَوّذ"، و"يُزَيِّنُ", والمصدرِ، نحو: "القِوال"، و"العِواذ"، فإنّهم صحّحوا الواو، ولم يقولوا: "قِيالًا"، "ولا عِياذًا", لصحّتها في الفعل، فلمّا صحّت الأفعالُ، صحّت مصادرُها، فقالوا: "قِوامٌ" حيث قالوا: "قاوَمَ وقالوا: "قِيامٌ" حيث قالوا: "قَامَ". قال الله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} (١). صحّت الواو حيث صحّت في "لاوَذَ فهذا معنى قوله: "وما هو منها".

وقوله: "أُعلّت هذه الأشياء وإن لم يُوجَد فيها علّةُ الاعتلال"، يريد أنّها إنّما اعتلّت بالحمل على الأفعال المجرّدة من الزيادة، لكونها مشتّقة منها.

وقوله: "وضَرْبِها بعِرْقٍ فيها"، يريد الاتصال بالاشتقاق، كأنّه مأخوذ من عروق الشجرة لامتدادها وانتشارِها. وقولُه عليه السلام: "ليس لعِرُقٍ ظالم حقٌّ" (٢)، المراد أن يغرِس الرجلُ أو يزرع في أرضِ غيره، ويقال في الشراب: "عِرْقٌ من الماء"، وليس بالكثير، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: والحذف في قُلْ وقُلْنَ وقلت ولم يقل, ولم يقلن وبع وبعن وبعت ولم يبع ولم يبعن، وما كان من هذا النحو في المزيد فيه، وفي سيد وميت، وكينونة وقيلولة، وفي الإقامة والاستقامة ونحوها مما التقى فيه ساكنان أو طلب تخفيف أو اضطر إعلال. والسلامة فيما وراء ذلك مما فقدت فيه أسباب الإعلال والحذف أو وجدت خلا أنه اعترض ما يصد عن حكمها كالذي اعترض في صورى وحيدي والجولان والحيكان والقوباء والخيلاء.


(١) النور: ٦٣.
(٢) ورد الحديث في النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/ ٢١٩، وفيه: "هو أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله، فيغرس فيها غرسًا غَصْبًا ليستوجبَ به الأرض".

<<  <  ج: ص:  >  >>