للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا "آيٌ"، فهو جمعُ "آيةٍ" على حدّ "تَمْرَةٍ" و"تَمْرٍ"، ولم يُعِلّوا الياء، وإن وقعت طرفًا بعد ألف, لأنّ الألف عينُ الكلمة، وهي منقلبة عن ياء، فلو أعلّوها لَوالَوْا على الكلمة إعلالَيْن، وذلك مكروه عندهم.

ووزنُ "آيَةٍ": "فَعَلَةُ" كـ"شَجَرَةٍ"، فقلبوا العين ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، وذهب آخرون إلى أنّها "فَعْلَةُ" بسكون العين، فقلبوا الياء الأولى ألفًا لانفتاح ما قبلها على حدّ قولهم في "طَيِّىء": "طائِيٌّ"، وفي النسب إلى "الحِيرة": "حارِيٌّ". حكى ذلك سيبويه (١) عن غير الخليل، وهو مذهب الفراء، كأنّه نظر إلى كثرة "فَعْلَةَ"، فحمل على الأكثر. وإنّما قلبوا الياء ألفا مع سكونها لاجتماع اليائيْن، لأنّهما تُكْرَهان كما تُكْرَه الواوان، فأبدلوا من الأولى الألفَ، كما قالوا: "الحَيَوان"، وكما قالوا: "أَواصِلُ" في جمع "واصلةٍ"، والوجهُ الأول أنّه على "فَعَلَة".

وقوله: "إذا تحرّك ما قبلهما" يريد بالحركة التي يسوغ أنّ يُحرَّك بها، وذلك بأن يكون قبل الواو ضمّةٌ، وذلك إنّما يكون في الأفعال، نحو: "يَغزُو"، و"يَدْعُو"، ولا يكون مثلُه في الأسماء، ويكون قبل الياء كسرة، وذلك يقع في الأسماء والأفعال، فالأسماء نحو: "القاضي"، و"الرامي"، والأفعالُ نحو: "يَرْمِي"، و"يَسْقِي"، وذلك أنّه إذا انفتح ما قبلهما قُلبتا ألفَيْن، نحو: "عَصًا"، و"رَحًى". وإذا انضمّ ما قبل الياء، انقلبت واوًا على حد "مُوسِرٍ"، و"مُوقِنٍ". وإذا انكسر ما قبل الواو قُلبت ياءً.

ولا يقع قبل الواو إلّا الضمّة، ولا يقع قبل الياء إلّا الكسرةُ، فإذا كانت الواو والياء على الشرط المذكور، لم تتحمّلا من حركات الإعراب إلّا الفتحَ لخفّة الفتحة، وتسكنان في موضع الرفع، وذلك استثقالًا للضمّة عليهما، فتقول: "هو يَغزُو ويَرْمِي"، و"لن يَغْزُوَ"، و"لن يَرْمِيَ"، فتُثبِت الفتحةَ، لخقتها، وتُسقِط الضمّةَ لثقلها. وتقول في الاسم: "هذا الرامي، والعَمِي، والمُضَوْضِي": وإنّما حذفوا الضمّة لثقلها على الياء المكسورِ ما قبلها. وتقول في النصب: "رأيت الرامِيَ، والعَمِيَ والمُضَوْضِيَ" بالنصب. وقد تقدّم الكلام على ذلك، وإنّما كُرّر الكلام على حسبِ ما اقتضاه الشرحُ.

* * *

قال صاحب الكتاب: وقد جاء الإسكان في قوله [من الطويل]:

١٣٤٥ - [فما سوَّدتني عامرٌ عن وراثةٍ] ... أبى الله أن أسمو بأم ولا أب


(١) الكتاب ٤/ ٣٩٨.
١٣٤٥ - التخريج: البيت لعامر بن الطفيل في الحيوان ٢/ ٨٥؛ وخزانة الأدب ٨/ ٣٤٣، ٣٤٤، ٣٤٥، ٣٤٨؛ وشرح شواهد الشافية ص ٤٠٤؛ وشرح شواهد المغني ص ٩٥٣؛ والشعر والشعراء ص ٣٤٣؛ ولسان العرب ١١/ ٥٩٣ (كلل)؛ والمقاصد النحوية ١/ ٢٤٢؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر =

<<  <  ج: ص:  >  >>