للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت لعامر بن الطُّفَيل، وقبله [من الطويل]:

وإنّي وإنْ كنتُ ابنَ سَيِّدِ عامِرٍ ... وفارِسَها المشهورَ في كلّ مَوْكِبِ

فما سَوَّدَتني عامِرٌ عن وِراثةٍ ... أبى الله أنّ أسمو بأمّ ولا أب

هكذا رُوي أيضًا. الشاهد فيه إسكانُ الواو في "أَسْمُو"، وهو منصوب بـ "أَنْ". فمنهم من يجعل ذلك لغةً، ومنهم من يجعله ضرورةً. قال المبرد: إنّه من الضرورات المستحسَنة. ومن ذلك قول الأعشى [من الطويل]:

فآليت لا أرثي (١) ... إلخ

الشاهد فيه إسكانُ الياء في "تلاقِي"، وهو منصوب بـ "حَتَّى"، ويجوز أن يُخاطِب الناقةَ، وتكون التاء لخطابها لا للغيبة، وهو جائزٌ للخرِوج إلى الخطاب بعد الغيبة؛ نحو قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (٢) بعد قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٣).

ويروى: "حتّى تَزُورَ"، ولا شاهدَ فيه على ذلك. المعنى أنّه لا يرِقّ لها من الإعياء والكَلالِ، فيرفُق بها حتّى تصل إلى محمّد - صلى الله عليه وسلم -. وكان الأعشى أتى مكّةَ بعد ظهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد سمع بخبره في الكتب، فأتاه وهو ضريرٌ، فأنشده هذه القصيدةَ، وأوّلُها [من الطويل]:

أَلَم تَغتَمِضْ عَيْناكَ لَيلَةَ أَرْمَدَا ... وبِتَّ كما باتَ السَّلِيمُ مُسَهَّدا

وقد جاء ذلك في الأسماء. قال الشاعر [من البسيط]:

يا دار هند عفت إلا أثافِيها (٤)

البيتَ، والشاهدُ فيه إسكانُ "أثافِيها" وهو منصوب, لأنه استثناء من موجَب ضرورة، ويجوز أنّ يكون "أثافيها" مرفوعًا من قبيل العمل على المعنى، كأنّه قال: "لم يبق إلّا أثافيها". ونظيرُه قوله [من الطويل]:

[وعضَّ زمان يا ابن مروانَ] لم يَدَعْ ... من المال إلّا مُسْحَتًا أو مُجَلَّفُ (٥)

كأنّه قال: بقي مجلّفُ. يصف دارًا عفت، ودرست، ولم يبق من آثارها إلا الأثافي، وهي مَواقدُ النار، الواحدُ "أُثْفِيَّةٌ". قال الأخفش: "أثافٍ" لم يُسمع من العرب بالتثقيل، وقال الكسائي: سُمع فيها التثقيل، وأنشد [من الطويل]:

١٣٥٢ - أَثافِيَّ سُفْعًا في مُعَرَّسِ مِرْجَلٍ ... [ونُؤْيًاكجِذْمِ الحوض لم يَتَثلّم]


(١) تقدم بالرقم ١٣٤٦.
(٢) الفاتحة: ٥.
(٣) الفاتحة: ٢.
(٤) تقدم بالرقم ١٣٤٧.
(٥) تقدم بالرقم ٥٠.
١٣٥٢ - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٧؛ ولسان العرب ٨/ ١٥٦ (سفع)؛ وتهذيب =

<<  <  ج: ص:  >  >>