للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: اعلم أنّ الواو والياء تسقطان في الجزم، لأنّهما قد نزلتا منزلةَ الضمّة من حيث كان سكونهما علامةً للرفع، فحذفوهما للجزم كما تحذف الضمّة. وقد تقدّم الكلام على ذلك مستوفًا، وربما أثبتوهما في موضع الجزم. من ذلك قوله [من البسيط]:

هجوت زبّان ... إلخ

وقولُ الآخر [من الوافر]:

ألم يأتيك ... إلخ

ووجهُ ذلك أنّه قدّر في الرفع ضمّةً منويّةً، فحذفها، وأسكن الواو كما يفعل في الصحيح، وهو في الياء أسهلُ منه في الواو, لأنّ الواو المضمومة أثقلُ من الياء المضمومة. فأمّا البيت الأول، فإنّه يقول: لم تَهْجُ لأنّك اعتذرتَ، ولم تترك الهَجْوَ، لأنّك هجوت. وبعد البيت الثاني [من الوافر]:

ومَحْبَسُها على القُرَشِيِّ تُشْرَى ... بأذراعٍ وأَسْيافٍ حِدادِ

يقول: ألم يأتِك نَبَأُ لبونِ بني زياد. ودلّ عليه قوله: والأنباء تنمي. ويحتمل أن تكون الباء مزيدة مع الفاعل على حد {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (١). وحسن زيادةُ الباء إذ كان المعنى: ألم تسمع بما لاقت. وبنو زياد الرَبيع بن زياد العَبْسيّ وإخوتُه، وهم الكَمَلَةُ أولادُ فاطمةَ بنت الخُرْشُب.

والشعرُ لقيس بن زُهَير. وسببُ هذا الشعر أنّ الربيع طلب من قيس دِرْعًا، وبينما هو يخاطبه، والدرعُ مع قيس إذ أخذها الربيعُ، وذهب، فلقي قيسٌ أُمَّ الربيع فاطمةَ، فأسرها لِيرتهنَها على ردّ الدرع، فقالت له: يا قيس، أين عزب عنك عقلُك، أتُرَى بني زياد مُصالِحيك، وقد أخذتَ أُمَّهم، فذهبتَ بها، وقد قال الناس ما قالوا، فخَلَّى عنها،


= مجزوم بـ "لا" الناهية، وعلامة جزمه حذف حرف العلّة وهو الألف، وهذه الألف الظاهرة لإشباع فتحة الضاد، و"ها": ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. "ولا": الواو: عاطفة، و"لا": ناهية جازمة. "تملّق": فعل مضارع مجزوم بـ "لا" الناهية، وعلامة جزمه السكون، وحرّك بالكسر لضرورة الشعر، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت.
وجملة "إذا العجوز ... ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "غضبت العجوز": في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة "غضبت" (الظاهرة): تفسيرية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "فطلّق": جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "لا ترضاها": معطوفة على جملة "فطلّق". وجملة "لا تملّق": معطوفة على جملة "فطلّق".
والشاهد فيه قوله: "ترضّاها" حيث لم يحذف حرف العلة للجازم ضرورة، ويفسّر بأنه أشبع فتحة الضاد في "ترضها" فنشأت الألف.
(١) الرعد: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>