للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعلُ والمفعول إذا كانا ممّا لا يظهر فيهما الإعرابُ، فإنَّه لا يجوز تقديمُ المفعول، وذلك نحوُ: "ضَرَبَ عِيسَى مُوسَى"، اللَّهُمَّ إلَّا أن يكون في اللفظ دليلٌ على المبتدأ منهما، نحوُ قوله [من الطويل]:

١٣٩ - لُعابُ الأفاعِي القاتِلاتِ لُعابُهُ

وقولِه [من الطويل]:

١٤٠ - بَنُونَا بَنُو أبْنائنا وبَناتُنا ... بَنُوهنّ أبْناءُ الرِّجال الأباعِدِ

ألا ترى أنه لا يحسُن أن يكون "بنونا" هو المبتدأ، لأنه يلزَم منه أن لا يكون له بنون إلا بَنِي أبنائه، وليس المعنى على ذلك، فجاز تقديمُ الخبر هنا مع كونه معرفة لظهورِ المعنى وأمْنِ اللَّبْس، وصار هذا لجوازِ تقديم المفعول على الفاعل إذا كان عليه دليلْ، نحوُ: "أكَلَ كُمَّثْرَى مُوسَى"، و"أبْرَأ المَرْضَى عِيسَى".


١٣٩ - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
الأعراب: "لعاب": خبر مقدَّم مرفوع بالضمّة، وهو مضاف. "الأفاعي": مضاف إليه مجرور بالكسرة المُقدَّرة على الياء للثقل. "القاتلات": نعت مجرور بالكسرة. "لعابُه": مبتدأ مؤخَّر مرفوع بالضمَّة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة "لعاب ... لعابه": ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه: تقديم الخبر على المبتدأ مع استوائهما في التعريف إذ المعنى أنَّ لعاب المهجوّ مثل لعاب الأفاعي لا العكس.
١٤٠ - التخريج: البيت للفرزدق في خزانة الأدب ١/ ٤٤٤؛ وبلا نسبة في الإنصاف ١/ ٦٦؛ وتخليص الشواهد ص ١٩٨؛ والحيوان ١/ ٣٤٦؛ والدرر ٢/ ٢٤؛ وشرح الأشموني ١/ ٩٩؛ وشرح التصريح ١/ ١٧٣؛ وشرح شواهد المغني ٣/ ٨٤٨؛ وشرح ابن عقيل ص ١١٩؛ ومغني اللبيب ٢/ ٤٥٢؛ وهمع الهوامع ١/ ١٠٢.
الإعراب: "بنونا": خبر مقدّم للمبتدأ مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف، و"نا": ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. "بنو": مبتدأ مؤخّر مرفوع بالواو لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم، وهومضاف. "أبنائنا": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف، و"نا": ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. "وبناتنا": الواو: حرف عطف، "بناتنا" مبتدأ أوّل مرفوع، وهو مضاف، و"نا": ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة. "بنوهنّ": مبتدأ ثانٍ مرفوع، وهو مضاف، و"هنّ": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "أبناء": خبر للمبتدأ الثاني، وهو مضاف. "الرجال": مضاف إليه. "الأباعد": نعت "الرجال" مجرور بالكسرة.
وجملة "بنونا بنو ... ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "بناتنا بنوهن أبناء الرجال": معطوفة على الجملة السابقة. وجملة "بنوهن أبناء الرجال": في محلّ رفع خبر المبتدأ الأول.
والشاهد فيه قوله: "بنونا بنو أبنائنا" حيث جاز تقديم الخبر على المبتدأ مع مساواتهما في التعريف، لأجل القرينة المعنوية, لأن الخبر هو محط الفائدة، فما يكون فيه التشبيه الذي تذكر الجملة لأجله فهو الخبر، وهو قوله: "بنونا" إذ المعنى أن بني أبنائنا مثل بنينا لا أنّ بنينا مثل بني أبنائنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>