للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن مَبْدَأهما من اللَّهاة. والجيمَ والشين والضاد شَجْريّةً, لأنّ مبدأها من شَجْر الفَم، وهو مَفْرِجُه، والصادَ والسين والزاي أَسَليةً, لأنّ مبدأها من أسَلة اللسان، والطاء والدال والتاء نِطْعيةً, لأنّ مبدأها من نِطَع الغار الأَعْلَى، والظاء والذال والثاء لِثَويةً, لأنّ مبدأها من اللِثة، والراء واللام والنونَ ذَوْلَقيّةً؛ لأنّ مبدأها من ذَوْلق اللسان، والواوَ والفاء والباء والميم شَفَويّةً، أو شَفَهيّةً، وحروفّ المَدّ واللّين جُوفًا.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّنا قد ذكرنا عدّةَ الحروف أصولِها وفروعِها, ولها انقساماتٌ بعد ذلك، نحن نذكرها, فمن ذلك انقسامُها إلى الجهر والهمس. فالمهموسة عشرة أحرف، وهي الهاء، والحاء، والخاء، والكاف، والسين، والصاد، والتاء، والشين، والثاء، والفاء، وتجمعها في اللفظ "ستشحثك خصفه". وباقي الحروف الآخر تسمّى مجهورة؛ لأنّ الهمس الصوتُ الخفىُّ، فضعف الاعتمادُ فيها، وجرى النَّفَسُ مع ترديد الحرف لضُعْفه. وضبطنا المهموسةَ بما ذكرنا من قولنا: "ستشحثك خصفه" ليسهلَ ضبطُها لقلّةِ من يصل إليها؛ لأنّها في آخر كُتُب النحو.

وللحروف أقسامٌ أُخَرُ إلى الشدّة والرخاوة وما بينهما، فالشديدة ثمانية أحرف، وهي الهمزة، والقاف، والكاف، والجيم، والطاء، والدال، والتاء، والباء، وتجمعها في اللفظ "أجدت طبقك" أو"أجدك قطبت".

والحروف التي بين الشديدة والرِّخْوة ثمانيةٌ أيضًا، وهي الألف، والعين، والياء، واللام، والنون، والراء، والميم، والواو، وتجمعها في اللفظ "لم يَرُوعُنَا"، وإن شئت قلت: "لَمْ يَرْعَوْنَا". وما سوى هذه الحروف والتي قبلها هي الرخوة. ومعنى الشديدة أنّه الحرفُ الذي يمنع الصوت أن يجري فيه، وذلك أنّك لو قلت: "الحَجْ" ومددتَ صوتك لم يجز، وكذلك لو قلت: "الحَقْ"، و"الشَّطْ"، ثمّ رُمْتَ مدَّ صوتك في القاف والطاء، لكان ممتنعًا.

والرِّخْوُ هو الذي يجري فيه الصوتُ، ألا ترى أنّك تقول: "هو المَسْ والرَّش والسَّحْ" ونحو ذلك، فتجد الصوت جاريًا مع السين والشين والحاء. والفرق بين المجهورة والشديدة أنّ المجهورة يقوى الاعتمادُ فيها، والشديدةُ يشتدّ الاعتمادُ فيها بلزومها موضعَها لا بشدّة الوَقْع، وهو ما ذكرناه من الضَّغْط، ألا ترى انّ الذال والظاء مجهورتان غير مضغوطتين، فتقول: "إذًا ظ" فيجري معها صوتٌ ما.

والفرق بين المهموسة والرخوة أنّ المهموسة هي التي تتردّد في اللسان بنَفْسها أو بحرفِ اللين الذي معها, ولا يمتنع النَّفَسُ والصوتُ الذي يخرج معها نَفَسٌ، وليس من الصدر؛ وأمّا الرخوة فهي التي يجري النَّفَسُ فيها من غير ترديد، وهو صوتٌ من الصدر؛

<<  <  ج: ص:  >  >>