للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يَسْتِيعُ". إن شئت قلت: خذفت الطاء، وتُركت تاء الاستفعال، وإن شئت قلت: حُذفت التاء المزيدةُ، وأُبدلت التاء مكانَ الطاء. وقالوا "بَلْعَنْبَرِ"، و"بَلْعَجْلان" في "بَنِي العَنْبَرِ"، و"بني العَجْلانِ"، و"عَلْماءِ بنو فلانٍ"، أي: على الماء، قال [من الطويل]:

١٣٦٩ - غَداةَ طَفَتْ عَلْماءِ بَكرٌ بْنُ وائِلٍ ... وعاجَتْ صُدورُ الخَيلِ شَطرَ تَميمِ

وإذا كانوا ممن يحذفون مع إمكان الادّغام في "يَتَسَعُ" و"يَتَقِي"، فهم مع عَدَم إمكانه أَحْذَفُ.

* * *

قال الشارح: اعلم أن قولهم: "اسْتَخَذَ فلان أرضًا"، لسيبويه فيه قولان: أحدهما: أنّ أصله "اتَّخَذَ" على زنةِ "افْتَعَلَ" من قوله تعالى: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (١)، فأبدلوا من التاء الأولى، وهي فاء الفعل سينًا، كما أبدلوا التاء من السين في "سِتٍّ"، وأصلها "سِدْسٌ". وليس إبدالُ السين على ما بينهما من الاشتراك في الهمس وتقارُب المخرجين بأشذَّ من حذفها في "تَقَيْت". وذلك لاستثقال التشديد، وفي الجملة الحذفُ شاذّ.

والوجه الثاني: أن يكون المراد: "استفعل"، وأصله: "اسْتَتْخَذَ"، فحذفوا التاء الثانية الساكنة؛ لأنّهم لو حذفوا الأولى اجتمع ساكنان، فكان يؤدّي إلى تغيير ثان. وليس ذلك في الحذف بأبعد منه في "ظَِلْت"، و"مَِسْت".

ومن ذلك "أَسْطَاعَ"، "يَسْطِيع"،قالوا: الأصل في "أسطاع": "اسْتَطاعَ" وإنّ


١٣٦٩ - التخريج: البيت لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص ١٧٤؛ والحماسة الشجرية ١/ ٢٢١؛ وشرح شواهد الشافية ص ٤٩٨؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٤٢٩.
اللغة: طفت: ارتفعت على وجه الماء. عَلْماء: على الماء. بكر وتميم: قبيلتان. عاجت: مالت. شطر: نحو، صوب.
الإعراب: "غداة": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة الظاهرة. "طفت": فعل ماضٍ مبني على الفتحة المقدّرة على الألف المحذوفة، والتاء للتأنيث. "عَلْماء": أصلها: "على الماء": جارّ ومجرور متعلقان بالفعل "طفا". "بكر": فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. "بن": صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة. "وائل": مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. "وعاجت": الواو: حرف عطف، "عاجت": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء للتأنيث. "صدور": فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. "الخيل": مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. "شطر": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة الظاهرة. "تميم": مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
وجملة "طفت بكر": في محل جرّ بالإضافة، وعطف عليها جملة "عاجت صدور الخيل".
والشاهد فيه قوله: "عَلْماء"، والأصل: "على الماء" سقطت همزة الوصل في "الماء" وحذفت ألف "على" لالتقائها مع لام المعرفة، فصار اللفظ "عَلَلْماء" فحذفت لام "على" كراهة اجتماع المثلين، فصار اللفظ "عَلْماء".
(١) الكهف: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>