للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"دواليك", و"هذاذيك", ومنه ما لا يتصرف نحو: سبحان الله, ومعاذ الله, وعمرك الله وقعدك الله"".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ هذه المصادر التي وردت بلفظ التثنية الغرضُ من التثنية فيها التكثيرُ، وأنّه شيءٌ يعود مرّةً بعد مرّة، وليس المرادُ منها الاثنَيْن فقط، كما تقول: "ادْخُلُوا الاْوّلُ فالأوّلُ"، والغرضُ أن يدخل الجميعُ، وجئتَ بـ"الأوّلُ الأوّلُ" حتّى يعْلَم أنّه شيءٌ بعد شيء. ومنه يُقال: جاءني القومُ رجلًا فرجلًا، على هذا المعنى. ولا يُحْتاج إلى أكثرَ من تكريره مرةً واحدةً، وانتصابه على المصدر الموضوع موضعَ الفعل، والتقديرُ: تَحَنَّنْ علينا تحنُّنًا، وثَنّى مبالغةً وتكثيرًا، أي: تحنُّنًا بعدَ تحنُّنٍ، ولم يُقْصَد بها قصدُ التثنية خاصّةً، وإنّما يُراد بها التكثيرُ، فجُعلت التثنيةُ عَلَمًا لذلك لأنّها أوّلُ تضعيفِ العَدَد وتكثيرِه، وهذا المثنّى لا يتصرّف، ومعنَى عَدَمِ التصرُّف أنّه لا يكون إلَّا مصدرًا منصوبًا، ولا يكون مُثَنًّى إلَّا في حال الإضافة، كما لم يكن "سُبْحانَ اللهِ"، و"مَعاذَ اللهِ" إلَّا مضافَين. وإنّما لم يتمكّن إذا ثنّيتَ؛ لأنّه دخله بالتثنية لفظًا معنى التكثير، فدخل هذا اللفظَ هذا المعنى في موضع المصدر فقط، فلذلك لم يتصرّفوا فيه، وربّما وحّدوا "حَنانًا". قال الله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} (١). وقال الشاعر [من الطويل]:

١٦٤ - فقالتْ حَنانٌ ما أتَى بك ههُنَا ... أذُو نَسَبٍ أم أنتَ بالحَيِّ عارِفُ


(١) مريم: ١٣.
١٦٤ - التخريج: البيت لمنذر بن درهم الكلبي في خزانة الأدب ٢/ ١١٢؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٢٣٥؛ وبلا نسبة في أمالي الزجاجي ص ١٣١؛ والدرر اللوامع ٣/ ٦٦؛ وشرح الأشموني ١/ ١٠٦؛ وشرح التصريح ١/ ١٧٧؛ وشرح عمدة الحافظ ص ١٩٠؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٦٦؛ والكتاب ١/ ٣٢٠، ٣٤٩؛ ولسان العرب ١٣/ ١٢٩ (حنن)؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٣٩؛ والمقتضب ٣/ ٢٢٥؛ وهمع الهوامع ١/ ١٨٩.
اللغة: الحنان: العطف والرحمة.
المعنى: يصوّر الشاعر غيرة محبوبته التي التقاها مصادفة. فأنكرته خوفًا عليه من قومها الغيارى، ورحمة به لتجشّمه الأهوال، فلقّنته جوابًا إذا ما سأله أحد عن سبب مجيئه، وهو النسب أو المعرفة بالحيّ.
الإعراب: "فقالت": الفاء: بحسب ما قبلها، "قالت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، وفاعله ... جوازًا: هي. "حنان": خبر لمبتدأ محذوف تقديره "أمري". "ما": اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ. "أتى": فعل ماضٍ وفاعله ... "هو". "بك": جار ومجرور متعلّقان بـ"أتى". "ههنا": "ها": للتنبيه، "هنا": ظرف مكان متعلّق بـ"أتى". "أذو": الهمزة للاستفهام، و"ذو": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أأنت ذو نسب، وهو مضاف. "نسب": مضاف إليه مجرور. "أم": حرف عطف. "أنت": ضمير=

<<  <  ج: ص:  >  >>