أنت مكابَرٌ عليه؟ ". واختير النصبُ لمكانِ حرف الاستفهام، وفي كلّ واحد من "محبوس"، و"مكابر" ضميرٌ مستترٌ يرجع إلى "أنتَ"، يقوم مقامَ الفاعل، إذ كان في معنَى "تكابَر"، و"تُحبَس".
فإن لم يَجْرِ الفاعل واسمُ المفعول مجرى الفعل، كانا كـ "غُلام" و"أخَ"، ووجب رفعُ الاسم نحو"أزيدٌ أنت ضارِبُه؟ "، و"أزيدٌ أنت محبوسٌ به؟ " و"أزيدٌ أنت مكابَرٌ عليه؟ " كأنّك قلت: "أزيدٌ أخوه، أو غلامُه" وما أشبههما من الأسماء.
* * *
قال صاحب الكتاب: "ومنه أزيدًا ضربت عمرًا وأخاه؟ "، و"أزيدًا ضربت رجلاً يحبه؟ ", لأن الآخر ملتبسٌ بالأول بالعطف, أو بالصفة".
* * *
قال الشارح: ومن ذلك: "أزيدًا ضربتَ عمرًا وأخاه؟ "، و"أزيدًا ضربتَ رجلًا يحبّه؟ "، فيختار فيه النصبُ أيضًا، لأنّ الفعل واقعٌ على ما هو من سَبَبه، وقد وَلِيَه حرفُ الاستفهام، فكان كقولك:"أزيدًا ضربتَ أخاه؟ " وذلك أنّ الجملة، إذا كان فيها ضميرُ اسم قد تقدّم ذكرُه، فهي من سبب ذلك الاسم، وإن كان في الجملة اسمٌ ليس فيه ضميرٌ، ولا تُبالِي في أيِّ موقع من الجملة وقع ذلك الضميرُ. فإذا قلت:"أزيدًا ضربتَ عمرًا وأخاه؟ " فـ "عمرٌو" و"الأخُ" منصوبان متّصِلان به داخلان في الجملة، فصار بمنزلةِ "أزيدًا ضرب أخاه" لاتحادِ المعطوف والمعطوف عليه. وكذلك لو قلت:"أعمرًا ضربتَ زيدًا في داره؟ "، لكان الوجه أيضًا النصبَ، لأنّ قولك:"في داره" ظرفٌ وقع فيه الضربُ، فهو من جملةِ "ضربتَ". وكذلك لو قلت:"أزيدًا ضربتَ رجلًا يُحبه؟ " فـ "يُحِبّه" نَعْتٌ لـ "رجل"، والنعتُ والمنعوتُ يتسلّط عليهما العاملُ تسلُّطًا واحدًا، فكان "يحبّه" من جملةِ "ضربت"، فصار الاسمُ المنصوبُ بـ "ضربت" من سببِ الاسم الأوّل، إذ كان في جملته عائدٌ إليه.
ولو كان الذي يَلِي الاسم جملةً ليس فيها ذكرٌ، ثم جئتَ بجملة أخرى، فعطفتَها على الجملة الأولى، وفيها ذكر للاسم، لم يجز، وذلك قولك:"أزيدًا ضربتَ عمرًا، وضربتَ أباه؟ " لأنّ قولك: "وضربت أباه" جملةٌ أخرى قائمةٌ بنفسها، والجملةُ الأولى قد مضت بلا ذكرٍ، فلم تلتبِس بها.
* * *
قال صاحب الكتاب:"فإن قلت: "أزيدٌ ذهب به" فليس إلا بالرفع".
* * *
قال الشارح: وأمّا قوله: "أزيدٌ ذُهب به فليس فيه إلّا الرفع", لأنّك إذا قلت: