للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} (١) فانتصابُ "قادرين" عند سيبويه (٢) بفعل مقدَّر تقديرُه "نَجْمَعُهَا قادرين". ودلّ على ذلك الفعل قولُه تعالى: {أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ}، وتَسْويَةُ البَنانِ ضمُ بعضها إلى بعض.

وذهب الفرّاءُ إلى أن انتصابه بإضمارِ فعل دلّ عليه الفعلُ المذكورُ أوّلًا، وهو قولُه: "أيحسب الإنسانُ". وتقديرُه: "بلى فَلْيحسبْنا قادرين على أن نسوّي بنانَه". فهذا لجَعْله مفعولًا ثانيًا، ومفعولا "حسبتُ" وأخواتِها لا يجوز ذِكْرُ أحدِهما دون الآخر.

وذهب بعضُهم إلى أن تقديره: "بلى نَقْدِرُ قادرين"، وهو ضعيفٌ أيضًا, لأنّ اسم الفاعل إذا وقع حالًا لم يجز أن يعمل فيه فعلُ من لفظه. لا تقول: "قمتُ قائمًا"، وأنت تريد الحالَ؛ لأنّ الحال لا بدّ فيها من فائدةٍ إذ كانت فضلةّ في الخبر، وليس في ذلك فائدة؛ لأنّك لا تقوم إلَّا قائمًا، والوجهُ هو الأوَّل، وهو مذهبُ سيبويه.


(١) القيامة: ٣ - ٤.
(٢) الكتاب ١/ ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>