للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا قول الشاعر الذي أنشده، فإنّ البيت للكُمَيْت. ومَشْعَبُ الحقّ: طريقُه. والشَّيعَة: الأعوانُ، والأحزابُ، والأصلُ: فما لي شيعةٌ إلّا آلُ أحمد، وما لي مشعبٌ إلّا مشعبُ الحقّ، وقال الآخرُ، وهو كَعْبُ بن مالك [من البسيط]:

٢٩٧ - والناسُ ألْبٌ علينا فيك ليس لنا ... إلا السُيُوفَ وأطرافَ القَنَا وَزرُ

يخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم -. والألْبُ. المتألّبون المجتمِعون. والوَزَرُ: المَلْجَأُ، وأصلُه: الجَبَلُ.

* * *

قال صاحب الكتاب: "وما كان استثناؤه منقطعاً ,كقولك: "ما جاءني أحدٌ إلا حماراً" وهي اللغة الحجازية, ومنه قوله عز وجل: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} (١)، وقولهم: "ما زاد إلا ما نقص", و"ما نفع إلا ما ضر"".

* * *

قال الشارح: هذا هو الوجه الثالث ممّا لا يكون المستثنى فيه إلّا منصوبًا، وهو ما كان المستثنى فيه من غيرِ نوعِ الأوّل.

ويسمّى المنقطِعَ لانقطاعه منه، إذ كان من غير نوعه، وهذا النوعُ من الاستثناء ليس على سبيلِ استثناءِ الشيء ممّا هو من جنسه, لأنّ استثناء الشيء من جنسه إخراجُ بعضٍ ما لولاه لَتَناولَه الأوَّلُ، ولذلك كان تخصيصًا على ما سبق، فأمّا إذا كان من غير الجنس، فلا يتناوله اللفظُ، وإذا لم يتناوله اللفظُ، فلا يحتاج إلى ما يُخْرِجه منه، إذ اللفظُ، إذا


٢٩٧ - التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٢٠٦؛ وتذكرة النحاة ص ٧٢٥؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ١٧٥؛ ولكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٠٩؛ والكتاب ٢/ ٣٣٦؛ وبلا نسبة في المقتضب ٤/ ٣٩٧.
اللغة: أَلَبَ إليه القوم: أتوه من كل جانب. القنا: الرماح. الوزر: الملجأ.
المعنى: اجتمع الناس ضدّنا بسببك، وليس لنا ملجأ يحمينا منهم سوى السيوف والرماح.
الإعراب: "والناس": الواو حسب ما قبلها، "الناس": مبتدأ مرفوع بالضمّة. "ألب": خبر مرفوع بالضمّة. "علينا": جار ومجرور متعلقان بـ "ألب". "فيك": جار ومجرور متعلّقان بـ "ألب". "ليس": فعل ماضٍ ناقص. "لنا": جار ومجرور متعلّقان بخبر "ليس" المحذوف. "إلا": حرف استثناء. "السيوف": مستثنى منصوب بالفتحة. "وأطراف": الواو: حرف عطف، "أطراف": معطوف على منصوب، منصوب مثله. "القنا": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف. "وزر": اسم "ليس" مؤخر مرفوع بالضمّة.
وجملة "الناس ألب": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "ليس لنا وزر": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "إلا السيوف وزر" حيث قدّم المستثنى على المستثنى منه، ولو جاء بالكلام حسب المعتاد لقال: "ليس لنا وزر إلا السيوف" عندئذ يصحّ نصب "السيوف" على الاستثناء، أو رفعها بدلاً من اسم "ليس".
(١) هود: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>