للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُ ابنِ الزّبِير الأسدِيَّ [من الوافر]:

٣٢٥ - أرَى الحاجاتِ عند أبي خُبَيْب ... نَكِدْنَ ولا أُمَيّةَ بالبِلادِ

وقولهم: "لا بَصْرَةَ لَكم"، و"قَضِيّةٌ وَلا أبَا حَسَنٍ لها"، فعلى تقديرِ التنكير، وأمّا "لا سِيَّمَا زيدٍ"، فمثلُ "لا مِثْلَ زيدٍ"".

* * *

قال الشارح: وقوله: وحقّه أن يكون نكرةً، يعني الاسمَ الذي تعمل فيه "لا"، فإنّه لا يكون إلَّا نكرة من حيثُ كانت تنفي نفيًا عامًّا مستغرِقًا، فلا يكون بعدها معيَّنٌ، فـ "لا" في هذا المعنى نظيرةُ "رُبَّ" و"كَمْ" في الاختصاص بالنكرة, لأنّ "رُبَّ" للتقليل، و"كَمْ" للتكثير، وهذا الإبهامُ أوْلى بها. وقد جاءت أسماءٌ قليلةٌ ظاهرُها التعريفُ، والمراد بها التنكيرُ فمن ذلك قول الشاعر [من الرجز]:

لا هَيْثَمَ الليلةَ للمَطِيّ

أنشده سيبويه (١)، والشاهدُ فيه نصبُ "هيثم" بـ "لا"، وهو اسمٌ عَلَمٌ.

وهي لا تعمل إلَّا في نكرةٍ. وجاز ذلك، لأنّه أراد: أمثالَ هيثم مِمَّن يقوم


٣٢٥ - التخريج: البيت لعبد الله بن الزبير في ملحق ديوانه ص ١٤٧؛ وخزانة الأدب ٤/ ٦١، ٦٢؛ والدرر ٢/ ٢١١؛ والكتاب ٢/ ٢٩٧؛ ولفضالة بن شريك في الأغاني ١٢/ ٦٦؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٥٦٩؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٦١؛ وشرح الأشموني ١/ ١٤٩؛ والمقتضب ٤/ ٣٦٢؛ والمقرب ١/ ١٨٩.
المعنى: أنّ حياة أبي خبيب أضحت متعسّرة, لأنّه لم يُمنح ما أراد، فلا يستطيع أن يعطي السائلين كما يفعل بنو أميّة الذين يعطون بلا حساب.
الإعراب: "أرى": فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنا. "الحاجات": مفعول به أول منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. "عند": ظرف مكان متعلّق بمحذوف حال من "الحاجات"، وهو مضاف. "أبي": مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه من الأسماء الستّة، وهو مضاف. "خبيب": مضاف إليه مجرور. "نكدن": فعل ماضٍ، والنون: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "ولا": الواو: حالية، و"لا": نافية للجنس. "أميّة": اسم "لا" مبنيّ على الفتح في محل نصب. "بالبلادِ": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر "لا".
وجملة "أرى الحاجات ... ": لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائية. وجملة "نكدن": في محلّ نصب مفعول به ثانٍ لـ "أرى". وجملة "لا أميّة بالبلاد": في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "لا أميَّة" حيث وقع اسم "لا" النافية للجنس معرفة، وذلك على تقدير
التنكير.
(١) الكتاب ٢/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>