للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمضاف إليه. فاللامُ مقحمةٌ غير معتَدّ بها من جهةِ ثَباتِ الألف في "الأب", ومن جهةِ تَهْيِئَة الاسم لعملِ "لا" فيه يُعْتَدّ بها، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: "وقد شُبّهت في أنه مزيدةٌ ومؤكدةٌ بـ "تيم" الثاني في [من البسيط]:

ياتَيمَ تَيمَ عَدِيٍّ [لا أبا لكمُ ... لا يُلقِينكُمْ في سَؤءَة عُمَر] (١)

والفَرْقُ بين المنفي فى هذه اللغة، وبينه في الأوُلى أنّه فى هذه معرَبٌ وفي تلك مبنيٌّ. وإذا فصلتَ، فقلتَ: "لا يدَيْن بها لك"، و"لا أبَ فيها لك"، امتنِع الحذف، والإثباتُ عند سيبويه (٢)، وأجازهما يونس (٣). وإذا قلتَ: "لا غلامَين ظريفين لك" لم يكن بُدٌّ من إثباتِ النون في الصفة والموصوف".

* * *

قال الشارح: قد شُبّهت اللام هنا في أنّها مَزيدةٌ بـ "تيم" الثاني من قوله:

يا تَيْمَ تَيمَ عَدِيِّ

فـ "عديٌّ" مخفوضٌ بإضافةِ "تيم" الأوّلِ إليه، و"تيمٌ" الثاني مقحَمٌ زائدٌ للتأكيد، ومثلُه إقحامُ التاء في قولهم: "يا طَلْحَةَ أقْبِلْ" بفتح التاء. قال الشاعر [من الطويل]:

كِلِينِي لهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبِ ... وَلَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطِيءِ الكَواكبِ (٤)

ووجهُ الشاهد فيه أنّه أراد الترخيمَ بحذف التاء، ثمّ أقحمها، وهو لا يعتدّ بها، فَفَتَحَها كما يفتح ما قبل التاء في الترخيم.

قال: والفرق بين المنفيّ في هذه اللغة، وبينه في الأُولى أنّه في هذه معربٌ، وفي تلك مبنىٌّ، يعني أنك إذا قلت: "لا أبَ لك" من غيرِ ألف، كان "الأب" مبنيًّا مع "لا". ويكون الجارُّ والمجرور في موضع الصفة، والخبرُ محذوفٌ، أو يكون في موضع الخبر. وإذا قلت: "لا أبَا لك" كان معربًا منصوبًا, لأنّه مضافٌ إلى ما بعد اللام، فالاسمُ بعد اللام مخفوضٌ بإضافةِ المنفى إليه، لا باللام، ولا يتعلق اللامُ ههنا بشيء، وفي الأوّل تتعلق بمحذوفٍ.

فإن فصلتَ بين المنفيّ وما أضيف إليه بظرفٍ، أو جارٍّ ومجرور مع اللام المقحمةِ، قبُح عند الخليل وسيبويه (٥) , لأن اللام بمنزلةِ ما لم يُذكَر، فالاسمُ بمنزلة اسم ليس بينه وبين المضاف إليه حاجزٌ، نحوِ: "لا مثلَ زيدٍ". فكما يقبُح "لا مثلَ بها لك زَيدٍ"، قبُح "لا أبَا فيها لك". ألا ترى أنّك إذا فصلت بين "كَمْ" ومفسِّرها في الخبر بشيء، فقلت:


(١) تقدم بالرقم ٢٠٧.
(٢) الكتاب ٢/ ٢٧٩.
(٣) الكتاب ٢/ ٢٨٠ - ٢٨١.
(٤) تقدم بالرقم ٢١٢.
(٥) الكتاب ٢/ ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>