للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله [من الطويل]:

٣٣٤ - قضت وطراً واسترجعت ثم آذنت] ... ركائبها] أن لا إلينا رجوعها

ضعيف لا يجيء إلا في الشعر, وقد أجاز المبرد في السعة أن يقال: "لا رجل في الدار", ولا زيد عندنا"".

* * *

قال الشارح: لمّا قرّر أنّ المنفيّ إذا كان معرفة، لم يجز فيه إلَّا الرفعُ، ويلزمه التكريرُ، أوْرد هذه الألفاظ التي وردت ناقضةً للقاعدة. وذلك أنّها معارفُ مرفوعةٌ، ولم تُكرَّر، وخَرَّجَها. فأمّا قولهم: "لا نَوْلُك أن تفعل كذا"، فهي كلمةٌ تقال في معنى: "لا ينبغي لك". وهي معرفةٌ مرفوعةٌ بالابتداء، وما بعدها الخبرُ، ولم يُكرِّروا "لا" من حيث إنّها جرت مجرى الفعل، إذ كانت بمعناه، والفعلُ إذا دخل عليه "لا"، لم يلزم فيه التكرير. فأجروا "لا نولُك" مُجْرَى "لا ينبغي لك"، لأنّه في معناه، كما قالوا: "لا سلامٌ عليك"، فلم يكرّروا, لأنّه في معنى "لا سلّم الله عليك"، كما أجروا "يَذَرُ" مجرَى "يَدَعُ" في حذفِ الواو التي هي فاءٌ، لأنّها مثلُها في المعنى، وإن لم يكن في "يذر" حرفٌ حَلْقيٌّ، فأمّا قول الشاعر [من الطويل]:

وأَنْتَ امْرُؤٌ مِنَّا خُلِقْتَ لِغَيْرِنَا ... حَياتُك لا نَفْعٌ ومَوْتُك فاجِعُ


٣٣٤ - التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ٤/ ٣٤؛ والدرر ٢/ ٢٣٣؛ ورصف المباني ص ٢٦١؛ والكتاب ٢/ ٢٩٨؛ والمقتضب ٤/ ٣٦١؛ والمقرب ١/ ١٨٩؛ وهمع الهوامع ١/ ١٤٨.
اللغة: الجزع: الخوف.
المعنى: يصوّر الشاعر جزع محبوبته التي فارقته وبكاءها وأنها استرجعت لفراقه.
الإعراب: "قضت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. "وطرًا": مفعول به منصوب بالفتحة. "واسترجعت": الواو: حرف عطف، و"استرجعت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. "ثمّ": حرف عطف. "آذنت": فعل ماضٍ، والتاء للتأنيث. "ركائبها": فاعل مرفوع بالضمة، و"ها": ضمير متّصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "أن": تفسيرية أو مخفّفة من "أنّ"، واسمها ضمير الشأن. "لا": حرف نفي. "إلينا": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. "رجوعها": مبتدأ مؤخر، و"ها": ضمير متّصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة "قضت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "استرجعت": معطوفة على سابقتها. وجملة "آذنت": معطوفة أيضًا على الجملة السابقة. وجملة "لا إلينا رجوعها": تفسيريّة لا محلّ لها من الإعراب، أو في محلّ رفع خبر "أَنْ".
والشاهد فيه: سيوضحه الشارح.

<<  <  ج: ص:  >  >>