للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤمنًا، و {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} (١)، أي: طاردَ المؤمنين. وقد زيدت الباءُ في غير المنفيّ، زادوها مع المفعول، وهو الغالبُ عليها. قال الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٢). والمراد - واللَّهُ أعلمُ - أَيْدِيَكم. قال: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (٣) أي: أنّ اللَّهَ يرى، وقد حمل بعضُهم قوله تعالى: {تُنبِتُ بالدهن} (٤) على زيادة الباء، والمرادُ: تنبت الدهن. ومثله قول الشاعر [من الكامل]:

٣٣٨ - شَرِبَتْ بِماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأصبحتْ ... زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّيْلَمِ

أي ماءَ الدحرضين. وقد زيدت مع الفاعل، نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (٥) و {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (٦). إنّما هو كفى اللَّهُ، وكَفَيْنَا، يدلّ على ذلك قولُ سُحَيْمٍ [من الطويل]:

٣٣٩ - [عميرةَ ودِّعْ إنْ تَجَهَّزّت غاديا] ... كَفَى الشَّيْبُ والإِسلامُ للمَرْءِ ناهِيَا


(١) الشعراء: ١١٤.
(٢) البقرة: ١٩٥.
(٣) العلق: ١٤.
(٤) المؤمنون: ٢٠ وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ورويس وغيرهم. انظر: البحر المحيط ٦/ ٤٠١؛ وتفسير القرطبي ١٢/ ١١٥؛ والكشاف ٣/ ٢٩؛ والمحتسب ٢/ ٨٨؛ ومعجم القراءات القرآنية ٤/ ٢٠٥.
٣٣٨ - التخريج: البيت لعنترة في ديوانه ص ٢٠١؛ وأدب الكاتب ص ٥١٥؛ والأزهيّة ص ٢٨٣؛ وجمهرة اللغة ص ٨٧٢, ١١٧٠؛ وسرّ صناعة الإعراب ١/ ١٣٤؛ ولسان العرب ٢/ ٩٥ (نبت)، ٧/ ١٤٩ (دحرض)؛ والمحتسب ٢/ ٨٩.
اللغة: ماء الدحرضين: ماءان يقال لأحدهما وشيع وللآخر الدحرض. فلمّا جمعهما غلَّبَ أحدهما.
وقيل: الدحرضان: بلد، وقيل: ماء لبني سعد. الزوراء: المائلة. الديلم: ضرب من التُّرك ضربهم مثلًا لأعدائه.
المعنى: يقول: هذه الناقة تنفر عن حياض أعدائها ولا تشرب منها.
الإعراب: "شربت": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هي. "بماء": الباء: حرف جرّ زائد. و"ما": اسم مجرور لفظًا منصوب محلاًّ على أنه مفعول به، وهو مضاف. "الدحرضين": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. "فأصبحت": الفاء: حرف عطف، "أصبحت". فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح، والتاء للتأنيث، واسمه ضمير مستتر تقديره: هي. "زوراءَ": خبر "أصبحت" منصوب بالفتحة. "تنفر": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هي. "عن حياضِ": جارّ ومجرور متعلّقان بـ "تنفر". "الديلم": مضاف إليه مجرور بالكسرة. وجملة "شربت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "فأصبحت": معطوفة عليها فلا محلّ لها. وجملة "تنفر": في محلّ نصب صفة لـ "زوراء".
والشاهد فيه قوله: "شربت بماء" حيث جاءت الباء حرف جرّ زائد، إذ أن فعل "شرب" يتعدّى بنفسه، لا بحرف الجرّ.
(٥) الرعد: ٤٣؛ والإسراء: ٩٦.
(٦) الأنبياء: ٤٧.
٣٣٩ - التخريج: البيت لسحيم عبد بني الحسحاس في ديوانه ص ١٦؛ وخزانة الأدب ١/ ٢٦٧، =

<<  <  ج: ص:  >  >>