للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الضاربُك"، و"الضارباتُك"، أضفتَ "الضاربَ"، و"الضارباتِ" إلى ضمير المخاطَب، وليس فيهما تنوينٌ ولا نونٌ. وكذلك تقول: "الضارِبِي"، و"الضارباتِي"، فتُضيفهما إلى ضمَير النفس كما أضفتَ ما فيه تنوينٌ أو نونٌ، نحو قولك: "ضاربُك"، و"الضارِباك"، و"الضارِبوك"، و"الضارِبَيَّ". فحُذف من "ضاربُك" التنوينُ, لأنّه قبل الإضافة "ضاربٌ" منوَّنٌ، و"الضارباك" تثنيةٌ، و"الضاربوك" جمعٌ، وقد حُذف منهما النونُ للإضافة. و"الضارِبَيَّ" تثنيةٌ، وأصلُه "ضارِبَيْن" حُذفتْ نونه للإضافة، ثمّ ادّغمت ياءُ التثنية في ياءُ النفس. ولو كان مرفوعًا، لقيل: "ضاربايَ" بالألف.

و"الضارِبِيَّ": جمعٌ. وأصلُه: الضاربون، فلمّا أُضيف إلى ياء النفس حُذفت النون للإضافة، فاجتمعت الواوُ والياءُ، وسبق الأوّلُ منهما بالسكون، فقُلبت الواو ياءً، وادُّغمت الياءُ المنقلِبةُ في ياء الإضافة على حدّ "طَوَيْتُه طَيًّا"، و"شَوَيْتُه شَيًّا". وكذلك تقول في الجرّ والنصبِ، نحوَ: "مررت بالضارِبِيَّ"، و"رأيت الضارِبِيَّ"، وأصلُه "الضارِبينَ" سقطت النونُ لَلإضافة، وادّغمت الياء في الياء.

فحاصلُ كلامه أنّه لا يتّصِل باسم الفاعل ضميرٌ إلَّا مجرورٌ، ولا أعرِفُ هذا المذهبَ. وقيل: إنّه رأيَ لسيبويه، وقد حكاه الرُّمّانيُّ في "شرحِ الأصول"، والمشهورُ من مذهبه ما حكاه السِّيرافيُّ في الشرح أنّ سيبويه يعتبِر المضمرَ بالمظهَر في هذا الباب، فيقول: الكافُ في "ضاربوك" في موضعِ مجرور، لا غيرُ. لأنّك تقول: "ضاربو زيدٍ" بالخفض، لا غيرُ، والكافُ في "الضارباك"، "والضاربوك" يجوز أن تكون في موضع جرّ، وهو الاختيارُ، وأن تكون في موضع نصب، لأنّك قد تقول: "الضاربو زيدًا" على مَنْ قال: "الحافِظو عَوْرَةَ العَشِيرَةِ" (١) بالنَصب، وهو الاختيارُ. وإذا قلت: "الضاربُك" كانت في موضعِ نصب لا غيرُ، لأنّك لو وضعتَ مكانَه ظاهرًا، لم يكن إلَّا نصبًا، نحو: "الضاربُ زيدًا".

وكان أبو الحسن الأخفش، فيما حكاه أبو عثمان الزِّياديّ، يجعل المضمرَ، إذا اتّصل باسم الفاعل، في موضع نصب على كلِّ حال، ويقول: إنّ اتّصالَ الكناية قد عاقبتِ النونَ والتنوينَ، فلا تقول: "ضارِبُنْكَ" بالتنوين، ولا "هما ضاربانك"، ولا "هم ضارِبُونَك"، كما تقول: "هو ضاربٌ زيدًا"، و"هما ضاربان زيدًا"، و"هم ضاربون زيدًا". فلمّا امتنع التنوينُ، والنونُ لاتّصالِ الكناية، صار بمنزلةِ ما لا ينصرف. وهو يعمل من غيرِ تنوين، نحوَ قولك للنساء: "هنّ ضَوارِبُ زيدًا". والجامعُ بينهما أنّ التنوين من


(١) من قول قيس بن الخطيم أو غيره [من المنسرح]:
الحافظو عَوْرةَ العشيرةِ لا ... يأَتيهمُ من ورائِنا نَطِفُ
وانظر تخريج هذا البيت في كتابنا "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية" ٥/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>