للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولِ الأسَوَد [من الطويل]:

٤٠٠ - [فأَدْرك إبقاءَ العرادَةِ ظَلعُها] ... وقَد جَعَلَتْني من حَزِيمةَ إصْبَعَا

قال الفَسَوِيُّ: أي: أسالَ سُقْيَا سَحابِه، وذا مَسافةِ إصْبَع.

* * *

قال الشارح: اعلم أنه قد جاء عنهم حذف المضاف إليه، وهو أَقَل من حذفِ المضاف، وأبعدُ قياسًا. وذلك لأن الغرض من المضاف إليه التعريفُ، والتخصيصُ، وإذا كان الغرضُ منه ذلك وحُذف، كان نَقضًا للغرض، وتراجُعًا عن المقصود. فمن ذلك قولُهم: "إذِ"، و"حِينَئِذٍ". وأصله أنّ "إذْ" تكون مضافةً إلى جملةٍ، إما ابتدائيةِ، وإما فعليةِ، نحو: "جئتُك إذ الحَجّاجُ أميرٌ، واذ قام زيدٌ". و"إذ" كانت إنما تضاف إلى جملةٍ لتُوضِحها، وتُزيل إبهامَها، فإذا تقدمتْها جملةٌ، إما فعليةٌ، وأما اسميةٌ، ربما حذفوا الجملةَ المضاف إليها "إذ" لدلالةِ الجملة المتقدمة عليها، فجاؤوا بالتنوين بعد "إذْ" عِوَضًا من المحذوف، وذلك نحوُ قولهم: "إذٍ" من قول الشاعر [من الوافر]:

٤٠١ - نَهَيْتُكَ عن طِلابك أُم عمرٍو ... بعاقِبَةٍ وأنتَ إذٍ صَحِيحُ


٤٠٠ - التخريج: البيت للكلحبة اليربوعي في خزانة الأدب ٤/ ٤٠١؛ وشرح اختيارات المفضل ص ١٤٦؛ ولسان العرب ١٢/ ١٢٧ (حرم)، ١٤/ ٨١ (بقي)؛ وللأسود بن يعفر في ملحق ديوانه ص ٦٨؛ وللأسود أو للكلحبة في المقاصد النحوية ٣/ ٤٤٢؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٣٢٥.
اللغة: الإبقاء: ما تدخره الخيل من النشاط. العرادة: اسم فرسه. الظلع: العرج الخفيف. حزيمة: اسم رجل.
المعنى: أن فرسي أصيبت بالعرج فلم أستطع أسر حزيمة، فقد بقي بيني وبينه مسافة إصبع، وإلا كنت أسرته.
الإعراب: "فأدرك": الفاء: حسب ما قبلها، و"أدرك": فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة. "بقاء": مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة، وهو مضاف. "العرادة": مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. "ظلعها": فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة."وقد ": الواو: حالية، و"قد": حرف تحقيق. "جعلتني": فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة، والتاء: للتأنيث، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره: هي. "من حزيمة": "من": حرف جر، "حزيمة": اسم مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث اللفظي، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "جعلتني". "إصبعا": مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة، والألف: للإطلاق.
وجملة "فأدرك ... ظلعها": بحسب الفاء. وجملة "جعلتني": في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "إصبعا" فقد حذف المضاف والمضاف إليه، والتقدير: هذا مسافة إصبع".
٤٠١ - التخريج: البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب ٦/ ٥٣٩، ٥٤٣، ٥٤٤؛ وشرح أشعار الهذليين ١/ ١٧١؛ وشرح شواهد المغني ص ٢٦٠؛ ولسان العرب ٣/ ٤٧٦ (أذذ)، ١١/ ٣٦٣=

<<  <  ج: ص:  >  >>