للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّه عَلَمٌ اسمُ رجل، وقيل: إِنّه على حذفِ الموصوف، كأنّه أراد: ما ليلي برجلٍ نام صاحبُه، ثمّ حذف الموصوفَ. ومن ذلك قوله [من الرجز]:

جادَتْ بكَفَّيْ كَانَ مِن أرْمَى البَشَرْ

وقبله:

ما لَكَ عندي غيرُ سَهْمٍ وحَجَرْ ... وغيرُ كَبْداءَ شديدةِ الوَتَرْ

الشاهد فيه حذفُ الموصوف، وإقامةُ الصفة التي هي الجملةُ مقامه، والتقديرُ: بكَفَّيْ رجلٍ كان من أرمى البشرِ، وقد رُوي: "بكفّي كان مَن أرمى البشر"، بفتح ميمِ "مَنْ"، أي: بكفّي مَن هو أرمى البشرِ، و"كَانَ" زائدةٌ. وكَبِدُ القَوْس: مَقْبِضُها. وقوسٌ كبداءُ: غليظهُ المَقْبِضِ تملأُ الكفَّ. وجادتْ من الجُودة لا من الجُود. ولو صحّت الروايةُ الأُولى، لم يجز القياسُ عليه لقلّته وشُذوذه في القياس.

وربّما ظهر أمرُ الموصوف، وعُرف موضعه، فيُستغنى عن ذكره ألبتّهَ، وتقع المُعامَلةُ مع الصفة، وتصير الصفةُ كاسم الجنس الدالّ على معنَى الموصوف، وذلك نحوُ قولهم: "الأجْرَعُ"و"الأبْطَحُ"، فالأجرعُ: مكانٌ سَهْلٌ مُسْتَوٍ لا يُنْبِت، يُقال: "مكانٌ أجرعُ"، و"رَمْلَةٌ جَرْعاءُ"، ثمُّ اشتهر المكانُ بذلك، فعُلم مكانه، دمان لم يُذكَر، فقيل: "الأجرعُ"، إذ لا يوصَف بذلك إلَّا المكانُ. وأمّا الأبْطَحُ فالمكان المتَّسِع، ومثلُه البَطْحاءُ، وأصلُه أن يُقال مكانٌ أبطحُ، ثمّ غلبت الصفةُ، وصارت كاسم الجنس.

ومثله الفارسُ، والصاحبُ، والراكبُ، أصلُ ذلك كلّه الصفةُ، وإنّما، غلبتْ، فصارت كاسم الجنس، ولذلك يُجمَع جَمْعَه، فيقال: "فارسٌ وفَوارِسُ، وصاحبٌ وصَواحِبُ، وراكبٌ ورواكبُ"، كما يُقال: "كاهِلٌ، وكَواهِلُ"، فالفارسُ راكبُ الفرس خاصّةً، والراكبُ راكبُ الجَمل خاصّةً، لا يُقال لغيره، والصاحبُ معروفٌ.

ومثلُ ذلك الأوْرَقُ، والأطلسُ، فالأورقُ: المُغْبَرُّ اللَّوْن، كلَوْنِ الرماد، والحَمامةُ


= بالضمّة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة. "ولا": الواو: حرف عطف، "لا": زائدة لتوكيد النفي. "مخالط": معطوف على المجرور بالباء الظاهرة، وقد تكون نعتًا لـ"ليل" المحذوف تبعًا للفظه، وهو مضاف. "الليان": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "جانبه": فاعل "مخالط" مرفوع بالضمّة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة القسم: ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "ما ليلي بليل": لا محلّ لها من الإعراب لأنها جواب القسم. وجملة "نام صاحبه": في محلّ رفع أو نصب صفة "ليل" المحذوف، وقيل: في محل نصب مقول القول المحذوف تقديره: "والله ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه".
والشاهد فيه قوله: "بنام صاحبُه" حيث قيل إنّ "نام صاحبه" علم منقول عن جملة، وقيل: أراد: ما ليلي برجل نام صاحبه، ثمّ حذف الموصوف. وقيل: إنّ حرف الجرّ داخل على محذوف، والتقدير: بمقول فيه: نام صاحبُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>