للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتخفيف النون وتشديدها. قال تعالى: {فذانك برهانان من ربك} (١)، و"ذينك", و"تاك" و"تيك" و"ذيك", و"تانك", و"تينك", و"أولاك" و"أولئك". ويتصرّف مع المخاطب في أحواله من التذكير والتأنيث والتثنية والجمع. قال تعالى: {وكذلك قال ربك} (٢) وقال: {ذلكما مما علمني ربي} (٣)، وقال: {ذلكم الله ربكم} (٤) وقال: {فذلكن الذي لمتنني فيه} (٥).

* * *

قال الشارح: اعلم أن كاف الخطاب على ضربَيْن: أحدهما ما يُفيد الخطابَ والاسمية، والآخرُ ما يفيد الخطاب مجردًا من معنى الاسمية. فالأول نحو الكاف في "أخيك"، و"أبيك"، و""غلامك"، ونحوها ممّا له موضعٌ من الإعراب، ألا ترى أن موضعَ هذه الكاف خفضٌ بإضافةِ الاسم الأول إليه، وكذلك إذا وضعتَ مكانَه ظاهرًا، كان مخفوضًا، نحو: "أخي زيد"، و"أبى خالدٍ"، و"غلامِ عمرو".

والثاني نحو الكاف اللاحقة بأسماء الإشارة، نحو: "ذاك"، و"ذانّك"، و"ذَيْنِك"، و"تاك"، و"تانِك"، و"تَينِك"، و"تِيك"، و"ذِيك"، و"أولئك". الكاف في جميع ذلك للخطاب مجردًا من معنى الاسمية. والذي يدل على تجردُّها من معنى الاسمية أنها لو كانت باقية على اسميتها, لكان لها موضعٌ من الإعراب، إما رفعٌ، وإما نصبٌ، وإما خفضٌ. وذلك ممتنِعٌ ههنا، وقد تقدم بيانُ ذلك وشرحه في "إياكَ" من المضمرات.

ومما يدل على أن هذه حروفٌ، وليست أسماء، إثبات نون التثنية معها في "ذانك"، و"تانك"، ولو كانت أسماء، لوجب حذفُ النون قبلها، وجَرُّها بالإضافة، كما تقول: "غلاماك"، و"صاحباك".

ونظيرُ الكاف في ذلك ونحوه من أسماء الإشارة الكافُ في "النجاءَكَ" بمعنى "انجُ"، الكاف فيه حرف خطاب، إن لو كانت اسمًا، لَمَا جازت إضافةُ ما فيه الألفُ واللام إليها. وكذلك قولهم: "انظُرْكَ زيدًا"، الكاف حرف خطاب؛ لأن هذا الفعل لا يتعدى إلى ضميرِ المأمور المتصل. وقولهم: "لَيْسَكَ زيدًا"،"زَيْدًا" هو الخبرُ، والكاف حرفُ خطاب، ومثلُه: "أَرَأَيتَك زيدًا ما يصنعُ"، الكافُ هنا للخطاب، وليست اسمًا. قال الله تعالى: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} (٦)، فإذا قلت: "لك"، أو إليكَ؛ فقد خاطبتَه باسمه كناية، وإذا قلت: "ذاك"، أو "ذلك"، فقد خاطبتَه بغير اسمه، ولذلك لا يحسن أن يقال للمُعظم من الناس: "هذا لك" , ولا "إليك". ويحسن أن يقال: "قد كان ذلك"، و"هو كذلك".


(١) القصص: ٣٢.
(٢) مريم:٢١.
(٣) يوسف: ٣٧.
(٤) الأنعام: ١٠٢.
(٥) يوسف: ٣٢.
(٦) الإسراء: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>