للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمراد: الذي يتقصعُ، والذي يُجدَّع.

وقد اختُلف في هذه اللام، فذهب قومٌ إلى أنّها حرف وليست اسمًا، وإن نُوي بها مذهبُ الاسمية، ولذلك أُعرب الاسم الواقع بعدها بإعرابِ "الذي" بغيرِ صلة. ولو كانت اسمًا، لكان الإعرابُ لها، وحُكِم على موضعها بالإعراب الذي يستحِقه "الذي".

وذهب قومٌ إلى أنها اسم، واحتجوا لذلك بعَوْدِ الضمير من الصفة بعدها إليها، كما يعود إلى "الذي" من صلتها. والصوابُ الأول أنها حرف، إذ لو كانت اسمًا، لكان لها موضعٌ من الإعراب. ولا خلافَ أنه لا موضعَ لها من الإعراب، ألا ترى أنها لو كان لها موضع من الإعراب، لكنت إذا قلت: "جاءني الضاربُ"، يكون موضعُها رفعًا بأنها فاعلٌ، فكان يؤدي إلى أن يكون للفعل الواحد فاعلان من غيرِ تثنية، أو عطفٍ: الألفُ واللام، واسمُ الفاعل. وإذا قلت: "ضربتُ الكاتبَ"، يكون للفعل مفعولان، وذلك لا يجوز, لأن هذا الفعل لا يكون له أكثرُ من مفعول واحد. وإذا قلت: "مررت بالضارب"، يكون لحرفِ الجرّ مجروران، وذلك مُحال. وأما قولهم: إنه يعود إليها الضميرُ من الصفة، فلا تقول إن الضمير يعود إلى نفس الألف واللام، بل تقول إِنّه يعود إلى الموصوف المحذوف لأنك إذا قلت: "مررت بالضارب"، فتقديرُه: "مررت بالرجل الضارب"، فالضميرُ يعود إلى الرجل الموصوف المحذوف؛ لأنه في حكمِ المنطوق به، وتارة تقول: إِنه يعود إلى مدلولِ الألف واللام، وهو"الذِي"، فاعرفه.

وأمّا "مَنْ"، فإنّها تكون بمعنَى "الذي"، وتحتاج من الصلة إلى مثلِ ما احتاجت إليه "الذي"، إلَّا أنّها لا تكون إلَّا لذَواتِ مَن يعقِل، وهي اسم بدليلِ أنّها تكون فاعلة، نحوَ قولك: "جاءني من قام"، فموضعُ "مَنْ" رفعٌ بأنه فاعل، ومفعولة، نحوَ: "رأيت مَن عندك"، فيكون موضعُها نصبًا بأنه مفعول به كما تكون الأسماءُ كذلك. ولا بد لها من ضمير يعود إليها، وذلك من خصائص الأسماء.

ويدخل عليها حروفُ الجرّ، نحوَ قولك: "مررت بِمَنْ عندك". قال الله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} (١)، وهي مبنية كما كانت "الَذِي" كذلك, لأنّ ما بعدها من الصلة من


= مضاف. "العجم": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "ناطقًا": تمييز منصوب بالفتحة. "إلى ربه": جار ومجرور متعلقان بـ "أبغض"."صوت": خبر مرفوع بالضمّة وهو مضاف. "الحمار": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "اليجدع": "ال": اسم موصول بمعنى "الذي"، مبني على السكون في محل جر صفة لـ"الحمار"، يجدّع: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة، ونائب الفاعل: ضمير مستتر تقديره هو.
وجملة "يقول الخنا": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أبغض العجم ... صوت": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يجدع": صلة الموصول لا محل لها الإعراب.
والشاهد فيه قوله:"اليجدع" حيث دخلت "ال" الموصولة بمعنى "الذي" على الفعل المضارع.
(١) الفتح:١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>