للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويتصل به "ما", فيصير للمجازاة.

* * *

قال الشارح: في "حَيْثُ" أربعُ لغات. قالوا: "حيثُ" بالضم، و"حيثَ" بالفتح، و"حَوْثُ"، و"حَوْثَ ". وهي مبنية في جميعِ لغاتها، والذي أوجب بناءَها أنّها تقع على الجهات الست، وهي "خَلْف"، و"قُدامٌ "، و"يمِينٌ"، و"شِمالٌ"، و"فَوْقٌ"، و"تَحْت"، وعلى كلّ مكان، فأبهمتْ "حَيْثُ" ووقعتْ عليها جميعًا، فضاهتْ بإبهامها في الأمكنة "إذ" المبهمةَ في الأزمنة الماضية كلها. فكما كانت "إذْ" مضافة إلى جمله تُوضِحها، أُوضحتْ "حَيْثُ" بالجملة التي تُوضَح بها "إذْ" من ابتداء وخبر، وفعل وفاعل. وحين افتقرتْ إلى الجملة بعدها، أشبهتْ "الّذِي" ونحوَها من الموصولات في إبهامها في نفسها وافتقارِها إلى جمله بعدها تُوضِحها، فبُنيت كبناء الموصولات.

ووجهٌ ثان أنه ليس شيء من ظروف الأمكنة يُضاف إلى جمله إلَّا "حَيْثُ". فلمّا خالفت أخواتِها؛ بُنيت لخروجها عن بابها. ووجب أن يكون بناؤها على السكون؛ لأنّ المبنيّ على حركة ما كان له أصل في التمكن، وحالةٌ يكون معربا فيها، نحوَ: "يا زيدُ"، وبابِه في النداء، و"قبلُ"، و"بعدُ" ونحوِهما من الغايات. فأما "حَيْثُ" فلما لم تكن لهما هذه الحالةُ؛ كانت ساكنةَ الآخِر إلَّا أنّه التقى في آخرها ساكنان، وهما الياء والثاء، فمنهم مَن فتح طلبًا للخفة لثقل الكسرة بعد الياء كـ "أيْنَ" و"كَيْفَ"، ومنهم من شبّهها بالغايات، فضَمها كـ "قَبْلُ" و"بَعْدُ". ووجهُ الشبَه بينهما أن حق "حَيْثُ" من جهةِ أنها ظرف أن تُضاف


= ديوانه؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦/ ٥٥٣، ٥٥٧، ٥٥٨، ٧/ ٤؛ والدرر ٣/ ١٢٣؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣١٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٣٩؛ ومغني اللبيب ١/ ١٣٢؛ وهمع الهوامع ١/ ٢١٢.
اللغة: نطعنهم: نضربهم. الحبي: جمع حبوة وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بعمامته، أو يديه. المواضي البيض: السيوف القاطعة. حيث لي العمائم: أي الرؤوس.
المعنى: إنّهم يطعنون الأعداء بالرماح بعد أن يضربوا رؤوسهم بالسيوف القاطعة.
الإعراب: "ونطعنهم": الواو: بحسب ما قبلها، و"نطعنهم": فعل مضارع مرفوع، و"هم": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. "حيث": ظرف مكان مبني في محل نصب، متعلق بـ "نطعن"، وهو مضاف. "الحبي": مضاف إليه مجرور، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره: "موجودة". "بعد": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ "نطعن"، وهو مضاف. "ضربهم": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"هم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "ببيض": جار ومجرور متعلقان بالمصدر "ضرب"، وهو مضاف. "المواضي": مضاف إليه مجرور. "حيث": ظرف مكان مبني في محلّ نصب، متعلّق بالمصدر "ضرب"، وهو مضاف. "ليّ": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. "العمائم": مضاف إليه مجرور.
وجملة "نطعنهم": بحسب ما قبلها. وجملة "الحبي موجودة": في محل جر بالإضافة.
والشاهد فيه قوله: "حيث لي العمائم" حيث أضاف الظرف إلى المفرد، وهذا نادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>