موضع بالمدينة معروف، بينه وبين باب المسجد ألف ذراع، قاله عُمَر بن شَبَّة في "أخبار المدينة" عن أبي غَسّان الْكِنَانيّ، صاحب مالك رحمهُ اللهُ (١).
(فَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ) وفي رواية البخاريّ: "فأوّلُ شيء يبدأ به الصلاة"(فَإِذَا صَلَّى صَلَاتَهُ) أي: أتمها (وَسَلَّمَ) منها (قَامَ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ) أي: واجههم، وفي رواية البخاريّ:"ثم ينصرف، فيقوم مقابل الناس"، وفي رواية ابن حبّان من طريق داود بن قيس:"فينصرف إلى الناس قائمًا في مصلاه"، وروى ابن خزيمة في رواية مختصرة:"خَطَب يوم عيد على رجليه"، وهذا مشعر بأنه لم يكن بالمصلَّى في زمانه -صلى الله عليه وسلم- منبرٌ، ويدلّ على ذلك قول أبي سعيد:"فلم يزل الناس على ذلك، حتى خرجت مع مروان"، كما سيأتي بيانه.
(وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مُصَلَّاهُمْ) جملة إسمية وقعت حالًا، و"جُلُوسٌ": جمع جالس؛ أي: والحال أن الناس جالسون في مكان صلاتهم، وفي رواية البخاريّ:"والناس جُلُوسٌ على صفوفهم، فيَعِظُهم، ويوصيهم، ويأمرهم"(فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثٍ) وفي رواية البخاريّ: "فإن كان يريد أن يقطع بَعْثًا قطعه"، و"الْبَعْثُ" بفتح الباء الموحّدة، وسكون العين المهملة، وفي آخره ثاء مثلثة: بمعنى المبعوث، وهو الجيش؛ يعني: أنه -صلى الله عليه وسلم - إذا كان يريد أن يبعث جيشًا إلى جهة من الجهات (ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ) أي: ذكر ذلك البعث، وبيّن مقداره، وعيّن مكانه، وأوضح ما يلزمهم تجاه ذلك (أَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ) من إعانة فقير، أو إغاثة ملهوف (أَمَرَهُمْ بِهَا، وَكَانَ) -صلى الله عليه وسلم- (يَقُولُ:"تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا") أي: بالتكرار تأكيدًا لشأن الصدقة (وَكَانَ أَكْثَرَ مَنْ يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ) حيث يؤكّد عليهنّ الحث على الصدقة، فيقول:"يا معشر النساء تصدّقن، فإني رأيتكنّ أكثر أهل النار"(ثُمَّ يَنْصَرِفُ) إلى بيته (فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ) أي: لم يزل الحال على هذا الذي كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من صلاته العيدين في المصلَّى بلا منبر، وتقديمه الصلاة على الخطبة (حَتَّى كَانَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ) بن أبي العاص بن أميّة، أبو عبد الملك الأمويّ المدنيّ، ولي الخلافة سنة (٦٤)، ومات في رمضان سنة (٦٥) وليست له صحبة، وكان معاوية -رضي الله عنه- استعمله على المدينة.