الثانية، فانه أدرك أبا واقد بلا شكّ، وسمعه بلا خلاف، فلا عَتْبَ على مسلم حينئذ في روايته، فإنه صحيح متّصل، والله أعلم. انتهى (١).
وقال الحافظ ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قد زعم بعض أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث منقطع؛ لأن عبيد الله لم يلق عمر، وقال غيره: هو متّصل مسند، ولقاء عبيد الله لأبي واقد الليثيّ غير مدفوع، وقد سمع عبيدُ الله من جماعة من الصحابة، ولم يذكر أبو داود في "باب ما يقرأ به في العيدين" إلا هذا الحديث، وهذا يدلّ على أنه عنده متّصل صحيح. انتهى كلام ابن عبد البرّ.
قال الجامع عفا الله عنه: الحديث صحيح متّصل، كما قال، لكن استدلالة بعدم إخراج أبي داود في الباب غيره نظر لا يخفى؛ لأن أبا داود لم يلتزم أن يخرّج الصحيح المتّصل عنده في كتابه، حتى يُستدلّ بصنيعه هذا على صحة الحديث عنده، فتبصّر.
والحاصل أن الحديث متصل صحيح، قد تبيّن اتّصاله من طريق فُليح كما فعل المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ- هنا حيث أخرجه من الطريقين إشارة إلى أن مثل هذا الانقطاع لا يضرّ بصحة الحديث؛ لكونه انقطاعاً صوريًّا بدليل الرواية الثانية.
وخلاصة القول أن قول عبيد الله في الرواية:"أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد … إلخ" مما أخذه عن أبي واقد، لا أنه يحكي القصّة؛ إذ لم يشهدها، بدليل قوله في الرواية الثانية:"عن أبي واقد الليثيِّ قال: سألني عمر - رضي الله عنه - … إلخ"، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤/ ٢٠٥٩ و ٢٠٦٠](٨٩١)، و (أبو داود) في "الصلاة"(١١٥٤)، و (الترمذيّ) في "الصلاة"(٥٣٤ و ٥٣٥)، و (النسائيّ) في "العيدين"(١٥٦٧) و"الكبرى"(١٧٧٣)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة"(١٢٨٢)، و (مالك) في "الموطأ"(١/ ١٨٠)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٣/ ٢٩٨)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٨٤٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٥/ ٢١٧ و ٥/ ٢١٩)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١٤٤٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"