للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فصل بقوله: وكان أبو هريرة يُلحِق معهنّ ذلك، وذلك مراد مسلم رحمه الله تعالى بقوله: واقتص الحديث يَذكُر مع ذكر النبهة، ولم يذكر "ذات شرف"، وإنما لم يكتف بهذا في الاستدلال على كون النهبة من كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قد يُعَدُّ ذلك من قبل المدرج في الحديث، من كلام بعض رواته استدلالًا بقول من فَصَّلَ، فقال: "وكان أبو هريرة يُلحق معهن"، وما رواه أبو نعيم الحافظ يرتفع عن أن يتطرق إليه هذا الاحتمال. وظهر بذلك أن قول أبي بكر بن عبد الرحمن: "وكان أبو هريرة يُلحق معهن … " معناه: يلحقها روايةً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا من عند نفسه، وكأن أبا بكر خصها بذلك لكونه بلغه أن غيره لا يرويها، ودليل ذلك ما تراه من رواية مسلم - رحمه الله تعالى - الحديث، من رواية يونس، وعقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، وابن المسيب، عن أبي هريرة، من غير ذكر النهبة.

ثم إن في رواية عقيل أن ابن شهاب، رَوَى ذكر النهبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن نفسه، وفي رواية يونس، عن عبد الملك بن أبي بكر عنه، فكأنه سمع ذلك من ابنه عنه، ثم سمعه منه نَفْسِه.

وأما ما ذكره مسلم من رواية "الأوزاعيّ، عن ابن شهاب، عن ابن المسيّب وأبي سلمة، وأبي بكر جميعًا" مع ذكر النهبة، فكأنه إدراج من الأوزاعيّ، أو من الراوي عنه، ومن أنواع الْمُدْرَجِ أن يروي الحديث جماعة، ولأحدهم فيه زيادة يختصّ بها، فيُدرجها بعض الرواة على رواية الجميع من غير فصل وبيان، وذلك وغيره من أنواع المدرج مما يجوز (١) للراوي تعمّده، فافهم كلّ ذلك، والْحَظه، فإنه مما عَزَّ مُدْركه من هذا الشأن، انتهى كلام أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا (٢)، والله تعالى أعلم.

(ذَاتَ شَرَفٍ) أي ذات قيمة، وقَدْر، ورِفْعة، قال القرطبيّ: والرواية


(١) هكذا النسخة، ولعلّ الصواب: "مما لا يجوز" بزيادة "لا"، فتأمله، والله تعالى أعلم.
(٢) "الصيانة" ص ٢٢٩ - ٢٣٠، و"شرح مسلم للنوويّ" ٢/ ٤٢ - ٤٣.