للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد قدمنا في أول الباب أن الاستسقاء أنواعٌ، فلا يلزم من ذكر نوع إبطال نوع ثابت، والله أعلم. انتهى (١).

١٠ - (ومنها): أن فيه عَلَماً من أعلام النبوّة في إجابة الله دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - عقبه، أو معه، ابتداء في الاستسقاء، وانتهاء في الاستصحاء، وامتثال السحاب أمره بمجرّد الإشارة.

وقال النوويّ - رحمه الله -: في الحديث الإخبارُ عن معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعظيم كرامته على ربه - سبحانه وتعالى - بإنزال المطر سبعة أيام متوالية متصلاً بسؤاله، من غير تقدُّم سحاب، ولا قَزَع، ولا سبب آخر، لا ظاهر، ولا باطن، وهذا معنى قوله: "وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار"؛ أي: نحن مشاهدون له وللسماء، وليس هناك سبب للمطر أصلاً. انتهى.

١١ - (ومنها): بيان معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً في إجابة دعائه متصلاً به حتى خرجوا في الشمس.

١٢ - (ومنها): بيان أدبه - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء، فإنه لم يسأل رفع المطر من أصله، بل سأل رفع ضرره، وكشفه عن البيوت، والمرافق والطرق، بحيث لا يتضرر به ساكن، ولا ابن سبيل، وسأل بقاءه في مواضع الحاجة، بحيث يبقى نفعه وخصبه، وهي بطون الأودية وغيرها من المذكور.

١٣ - (ومنها): بيان أدب الدعاء عند كثرة المطر، فلا يدعو برفع المطر مطلقاً؛ لاحتمال الاحتياج إلى استمراره، بل يدعو برفع الضرر، وإبقاء النفع.

١٤ - (ومنها): أنه يُستنبَط منه أن من أنعم الله عليه بنعمة لا ينبغي له أن يتسخطها لعارض يَعْرِض فيها، بل يسأل الله رفع ذلك العارض، وإبقاء النعمة.

١٥ - (ومنها): أن الدعاء برفع الضرر لا ينافي التوكل.

١٦ - (ومنها): جواز تبسم الخطيب على المنبر تعجباً، وجواز الصياح في المسجد بسبب الحاجة المقتضية لذلك، وفيه اليمين لتأكيد الكلام.

١٧ - (ومنها): جواز الاستسقاء بغير صلاة مخصوصة، ولكن هذا لا ينافي ما ثبت من الصلاة لها، فلا يكون دليلاً لأبي حنيفة في عدم مشروعية


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ١٩١ - ١٩٢.