وقوله:(فَتَقَشَّعَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ) الفاعل ضمير السحابة؛ أي: زالت السحابة عن المدينة، وانقطع المطر عنها.
وقوله:(فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوَالَيْهَا)"تمطر" بالبناء للفاعل، وهو من أمطرت رباعيًّا، وَيحْتَمِل أن يكون من مَطَرت ثلاثيًّا، كما تقدم، والفاعل ضمير السحابة.
وقوله:(وَمَا تُمْطِرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً) بالنصب على المفعوليّة.
وقوله:(وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الْإِكْلِيلِ) الضمير للمدينة، و"الإكليل" بكسر الهمزة، وسكون الكاف: هو شيء دار بين جوانب الشيء، وقال النوويّ - رحمه الله -: "الإكليلُ" بكسر الهمؤة، قال أهل اللغة: هي العصابة، وتُطلق على كلّ محيط بالشيء. انتهى.
والمعنى: أن السحابة صارت كالدائرة حول الشيء، فصار كأن المدينة في مثل الدائرة.
[تنبيه]: هذه الرواية ساقها الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه" المصنّف، فقال:(١٠٢١) حدّثنا محمد بن أبي بكر، حدّثنا معتمر، عن عبيد الله، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة، فقام الناس، فصاحوا، فقالوا: يا رسول الله، قَحَط المطر، واحمرّت الشجر، وهلكت البهائم، فادع الله يُسقينا، فقال:"اللهم اسقنا" مرتين، وايم الله، ما نرى في السماء قَزَعَةً من سحاب، فنشأت سحابة، وأمطرت، ونَزَل عن المنبر، فصلى، فلما انصرف لم تزل تمطر إلى الجمعة التي تليها، فلما قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب صاحوا إليه: تَهَدَّمت البيوت، وانقطعت السبل، فادع الله يحبسها عنّا، فتبسم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال:"اللهم حوالينا، ولا علينا"، فكُشِطت المدينة، فجَعَلت تمطر حولها، ولا تمطر بالمدينة قطرة، فنظرت إلى المدينة، وإنها لفي مثل الإكليل. انتهى.