و (أبو يعلى) في "مسنده"(٢٥٦٣ و ٢٦٨٠)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(١١٠٤٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٢٥١٢ و ٢٥١٣)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٢٠٢٦ و ٢٠٢٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٤٢١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ٣٦٤) و"دلائل النبوة"(٣/ ٤٤٨)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(١١٤٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان ما أكرم الله -سبحانه وتعالى- نبيّه - صلى الله عليه وسلم - حيث نصره على أعدائه بريح الصبا، وكان ذلك يوم الخندق، ويقال له: غزوة الأحزاب، وكان زهاء اثني عشر ألفاً، أو أكثر حين حاصروا المدينة، فأرسل الله تعالى عليهم ريح الصبا باردة، في ليلة شاتية شديدة البرد، فسفّت التراب والحصى في وجوههم، وأطفأت نيرانهم، وقطّعت خيامهم، فانهزموا من غير قتال، كما قصّ الله تعالى ذلك في القرآن العظيم.
٢ - (ومنها): تفضيل بعض المخلوقات على بعض، مع كونه من جنسه، حيث فُضّلت الصبا على الدبور من جهة إضافة النصر إليها، والهلاك إلى الدبور.
٣ - (ومنها): أن فيه ردًّا على الطبائعيين والفلاسفة الذين ينسبون الأشياء إلى الطبيعة، ففي هذا الحديث إثبات أن الرياح مسخّرة بأمر الله تعالى تارة يُسخّرها لنصر أوليائه، وتارةً يسخّرها لإهلاك أعدائه، فسبحان من بيده ملكوت كلّ شيء، وإليه يرجع الأمر كلّه، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨)}.
٤ - (ومنها): أن فيه إخبار المرء عن نفسه بما فضّله الله -سبحانه وتعالى- به على سبيل التحدث بالنعمة، لا على سبيل الفخر.
٥ - (ومنها): أن فيه الإخبارَ عن الأمم الماضية، وإهلاكها؛ ليكون عبرةً، ويتّعظ بها من أراد الله به الخير والصلاح، اللهم اهدنا فيمن هديت، ولا تجعلنا من الغافلين آمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.