وقوله:(تَكَعْكَعْتَ) أي: تأخّرت، يقال: كعّ الرجل: إذا نَكَصَ على عقبيه، قال الخطّابيّ: أصله تكَعَّعْت، فاستثقلوا اجتماع ثلاث عينات، فأبدلوا من إحداها حرفًا مكررًا.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: يقال: تكعكع الرجل، وتكاعى، وكَعَّ كُعُوعًا: إذا أحجم، وجَبُنَ، قاله الهرويّ وغيره، وهو في هذا الحديث بمعنى كَفَفت، كما قاله في الرواية السابقة. انتهى (١).
[تنبيه]: رواية مالك، عن زيد بن أسلم هذه ساقها البخاريّ - رحمه الله - فقال:(٥١٩٧) - حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس، أنَّه قال: خَسَفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس معه، فقام قيامًا طويلًا نحواً من سورة البقرة، ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا، ثمَّ رفع، فقام قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأوّل، ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا، وهو دون الركوع الأوّل، ثمَّ سجد، ثمَّ قام فقام قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأوّل، ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا، وهو دون الركوع الأوّل، ثمَّ رفع، فقام قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأوّل، ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا، وهو دون الركوع الأوّل، ثمَّ رفع، ثمَّ سجد، ثمَّ انصرف، وقد تجلت الشمس، فقال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله"، قالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثمَّ رأيناك تكعكعت، فقال:"إني رأيت الجنة، أوأُريت الجنة، فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار، فلم أر كاليوم منظرًا قط، ورأيت أكثر أهلها النساء"، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال:"بكفرهنّ"، قيل: يكفرن بالله؟ قال:"يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهرَ، ثمَّ رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط". انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.