للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، غير شيخه أبي عامر، فما أخرج له البخاريّ إلا تعليقًا، وأما شيخه الثاني، فقد اتّفق الجماعة بالرواية عنه دون واسطة.

٣ - (ومنها): أنَّه مسلسل بثقات الكوفيين من أوله إلى آخره.

٤ - (ومنها): أن فيه رواية الراوي عن جدّه، عن أبيه، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي مُوسَى) الأشعريّ - رضي الله عنه - أنَّه (قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ فَزِعًا) بكسر الزاي، صفة مشبهة، ويجوز الفتح على أنَّه مصدر بمعنى الصفة، قاله في "الفتح"، ويَحْتَمِل أن يكون منصوبًا على أنَّه مفعول من أجله؛ أي: من أجل فَزَعه (يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ) بالرفع على أن "تكون" تامة؛ أي: يخشى أن تحضُر الساعة، أو ناقصة، و"الساعة" اسمها، والخبر محذوف، أو العكس.

قال الكرمانيّ - رحمه الله -: وهذا تمثيل من الراوي كأنه قال: فَزِعًا كالخاشي أن تكون القيامة، وإلَّا فكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عالِمًا بأن الساعة لا تقوم، وهو بين أظهرهم، وقد وعده الله إعلاء دينه على الأديان كلها، ولم يبلغ الكتاب أجله.

ويَحْتَمِل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - جعل ما سيقع كالواقع إظهارًا لتعظيم شأن الكسوف، وتنبيهًا لأمته أنَّه إذا وقع بعده يخشون أمر ذلك، ويفزعون إلى ذكر الله، والصلاة، والصدقة؛ لأنَّ ذلك مما يدفع الله به البلاء، أفاده في "العمدة" (١).

وقال في "الفتح": قيل: وفيه جواز الإخبار بما يوجبه الظنّ من شاهد الحال؛ لأنَّ سبب الفزع يخفى عن الْمُشاهِد لصورة الفزع، فيَحْتَمِل أن يكون الفزع لغير ما ذُكر، فعلى هذا، فيشكل الحديث من حيث إن للساعة مقدمات كثيرة، لم تكن وقعت، كفتح البلاد، واستخلاف الخلفاء، وخروج الخوارج،


(١) "عمدة القاري" ٧/ ٨٨.