للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سلمة، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ "، والاستفهام للإنكار؛ أي: لا أحد من المسلمين خيرٌ منه، وهذا في تقديرها.

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا تعجّب من تنزيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلَّا أخلف الله له خيرًا منها" على مصيبتها؛ استعظامًا لأبي سلمة. انتهى؛ يعني في زعمها.

وقولها: (أَوَّلُ بَيْتٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) استئناف بيانيّ، فكأن سائلًا سالها، وما سبب استغرابك أن يوجد خير من أبي سلمة؟، فأجابت بأنه أول أهل بيت (هَاجَرَ) إلى المدينة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو نعيم: كان أول من هاجر إلى المدينة، زاد ابن منده: وإلى الحبشة، وذكره موسى بن عُقبة وغيره من أصحاب المغازي فيمن هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وفيمن شَهِدَ بدرًا، وأخرج البغويّ بسند صحيح إلى قبيصة بن ذؤيب أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أتى أبا سلمة يعوده، وهو ابن عمّته، وأول من هاجر بظعينته إلى أرض الحبشة، ثم إلى المدينة (١).

وقال الأبيّ: تعجّبت أم سلمة؛ لاعتقادها أنه لا خير من أبي سلمة، ولم تطمع أن يتزوّجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو خارج من هذا العموم، وتعني بقولها: "من خيرٌ من أبي سلمة" بالنسبة إليها، فلا يكون خيرًا من أبي بكر؛ لأن الخير في ذاته قد لا يكون خيرًا لها، وَيحْتَمِل أن تَعْني أنه خير مطلقًا، والإجماع على أفضليّة أبي بكر إنما على من تأخّرت وفاته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهل هو أفضل ممن تقدّمت وفاته؛ فيه خلاف، فلعلّها أخذت بأحد القولين، وقولها: أولُ بيت هاجر يدلّ على أنَّها أرادت أنه أفضل مطلقًا بالنسبة إليها. انتهى.

قال صاحب "المرعاة": والظاهر أن الخيريّة بالنسبة إليها، وباعتبار نفسها، والله تعالى أعلم. انتهى (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ.

(ثُمَّ إِني قُلْتُهَا) أي: كلمة الاسترجاع والدعاء المذكور بعدها (فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي: بأن جعلني زوجته، وكان عِوَضَ خير لي من زوجي أبي سلمة - رضي الله عنه -.


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٤/ ١٣١ - ١٣٢.
(٢) "المرعاة" ٥/ ٣١٠ - ٣١١.