إسعادها: ("أَتُرِيدِينَ) أيَّتُها المرأة بإعانتك على المعصية، والاستفهام إنكاريّ وتوبيخيّ، ولعله - صلى الله عليه وسلم - علم ما أرادت تلك المرأة من إسعادها بالبكاء بالوحي (أَنْ تُدْخِلِي الشَّيْطَانَ) أي: أن تكوني سببًا لدخوله (بَيْتًا أَخْرَجَهُ اللهُ) أي: الشيطان (مِنْهُ) أي: من ذلك البيت، وأبعده من إغواء أهله (مَرَّتَيْنِ؟ ") قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يَحْتَمِل ذلك - والله أعلم - أن يكون بسبب صحّة إسلام أبي سلمة، وحسن هجرته. انتهى (١).
وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يَحْتَمِل أن يراد بالمرّة الأولى يوم دخوله في الإسلام، وبالثانية يوم خروجه من الدنيا مسلمًا، ويحتمل أن يراد به التكرير؛ أي: أخرجه الله تعالى إخراجًا بعد إخراج، كقوله تعالى:{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} الآية [الملك: ٤].
وقيل: يَحْتَمل أن يراد بالمرة الأولى هجرته من مكة إلى الحبشة، وبالثانية هجرته إلى المدينة، فإنه من ذوي الهجرتين.
واستظهره صاحب "المرعاة" أن يكون "مرّتين" متعلِّقًا ب "قال"؛ أي: قال - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام، وأعاده لكمال الاهتمام مرّتين.
(فَكَفَفْتُ) يقال: كفّ عن الشيء كفًّا، من باب نصر: إذا تركه، وهو عطف على مقدَّر؛ أي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، فانزجرت، وكففت؛ أي: منعت نفسي (عَنِ الْبُكَاءِ) وقولها: (فَلَمْ أَبْكِ) أي: البكاء المذموم، وهو الذي يصاحبه صراخ وعويل، ونياحة، وندب، قال البيهقيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا في بكاء يكون معه ندب، أو نياحة. انتهى.
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أمّ سلمة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٢١٣٤](٩٢٢)، و (الحميديّ) في "مسنده"