قوله: "إنه مكروه، وليس بمحرّم" فيه نظر لا يخفى، ومن الغريب احتجاجه عليه بقصّة جعفر - رضي الله عنه -، وفيه إنكار النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومبالغته في ذلك حيث أمر أن يُحثى التراب في أفواههنّ، وهل معنى الإنكار إلا هذا؟، وكيف يقول: ولا زجرهنّ، أليس هذا الزجر؟ إن هذا لهو العجب، والله تعالى أعلم.
(وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا) أي: تكلّم بسوء، من الجزع والنياحة (وَأَشَارَ) - صلى الله عليه وسلم - (إِلَى لِسَانِهِ، أَوْ يَرْحَمُ") أي: بهذا، إن قال خيرًا، كالاسترجاع، واستسلم لقضاء الله تعالى، وَيحْتَمِل أن يكون معنى قوله: "أو يرحم"؛ أي: إن لم يُنفّذ الوعيد.
وزاد في رواية البخاريّ رحمه الله: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يضرب فيه بالعصا، وَيرمي بالحجارة، وَيحثِي بالتراب. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٢١٣٧] (٩٢٤) و [٧/ ٢١٣٨] (٩٢٥)، و (البخاريّ) في "الجنائز" (١٣٠٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٢٠٦٥ و ٢٠٦٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٣١٥٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٤/ ٦٩)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (١٥٢٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان استحباب عيادة المريض.
٢ - (ومنها): عيادة الفاضل للمفضول، والإمام أتباعه مع أصحابه.
٣ - (ومنها): فيه النهيُ عن المنكر، وبيان الوعيد عليه.
٤ - (ومنها): جواز البكاء عند المريض.
٥ - (ومنها): جواز اتباع القوم للباكي في بكائه.
٦ - (ومنها): يستفاد من زيادة البخاريّ المذكورة أن الميت يُعَذَّب ببكاء