للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(تَبْكِي) وفي رواية البخاريّ: "مرّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر" (عَلَى صَبِيٍّ لَهَا) أي: لأجل موت ولدها الصغير، هذا يُشعر بأنه ولدها، وصَرَّح به في مرسل يحيى بن أبي كثير، عند عبد الرزاق، ولفظه: قد أصيبت بولدها، وأخرج البخاريّ في أوائل "كتاب الأحكام" من "صحيحه" من طريق أخرى عن شعبة، عن ثابت، أن أنسًا قال لامرأة من أهله: تعرفين فلانة؟ قالت: نعم، قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرّ بها، فذكر هذا الحديث (١).

(فَفَالَ لَهَا: "اتَّقِي اللهَ) في رواية أبي نعيم في "المستخرج": فقال: "يا أمة الله اتقي الله قال القرطبيّ: الظاهر أنه كان في بكائها قدر زائد، من نَوح، أو غيره، ولهذا أمرها بالتقوى، يؤيده أن في مرسل يحيى بن أبي كثير المذكور: "فسمع منها ما يَكْرَه، فوقف عليها وقال الطيبيّ: قوله: "اتقي الله" توطئة لقوله: (وَاصْبِرِي") كأنه قيل لها: خافي غضب الله إن لم تصبري، ولا تجزعي؛ ليحصل لك الثواب.

(فَفَالَتْ) جاهلةً بمن يُخاطبها، وظانّةً أنه من آحاد الناس (وَمَا) نافية (تُبَالِي بِمُصِيبَتِي) وفي بعض النسخ: "وما تبالي مصيبتي"، بحذف الباء الموحّدة، قال النوويّ رحمه الله: فيه صحّة قول الإنسان: ما أُبالي بكذا، والردّ على من زعم أنه لا يجوز إثبات الباء، وإنما يقال: ما باليتُ كذا، وهذا غلطٌ، بل الصواب جواز إثبات الباء وحذفها، وقد كثُر ذلك في الأحاديث. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: قولهم: لا أباليه، ولا أبالي به؛ أي: لا أهتمّ به، ولا أكترث له، قال: ولا تُستعمل إلا مع الجحد، والأصل فيه قولهم: تبالى القوم: إذا تبادروا إلى الماء القليل، فاستقوا، فمعنى لا أبالي: لا أبادر إهمالًا له، وقال أبو زيد: ما باليتُ به مبالاةً، والاسم البِلاءُ وزانُ كتاب، وهو الهمّ الذي تُحَدِّث به نفسك. انتهى (٣).

وفي رواية البخاريّ: "قالت: إليك عنّي، لم تُصَب بمصيبتي، ولم تعرفه"، وفي رواية له: "فإنك خِلْوٌ من مصيبتي"، وهو بكسر المعجمة وسكون


(١) راجع: "الفتح" ٤/ ٢٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٦/ ٢٢٧.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٦٢.