٥ - (ومنها): أن صحابيّه - رضي الله عنه - ذو مناقب جمة، فهو صحابيّ ابن صحابيّ، وهو أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد المكثرين من الرواية، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد الفقهاء المشهورين بالفتوي، ويقال: ليس بين ولادة أبيه وولادته إلَّا أحد عشر عامًا، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرْبَعٌ) مبتدأ بتقدير: أي أربع خصال، أو خصال أربعٌ، وخبره قوله: "من كنّ فيه"، ووقع في رواية النسائيّ: "أربعة" بالهاء، فيقدّر أربعة أمور (مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا) اسم فاعل من خلَصَ الماءُ من الكدر، من باب عقد: إذا صفا، ووصفه بالخلوص يعضد قول من قال: المراد بالنفاق العمليّ لا الإيمانيّ، أو النفاق العرفيّ لا الشرعيّ؛ لأن الخلوص بهذين المعنيين لا يستلزم الكفر الملقي في الدرك الأسفل من النار، وأما كونه خالصًا فيه، فلأن الخصال التي تتمّ بها المخالفة بين السرّ والْعَلَن لا يزيد عليه، وقال ابن بطال: "خالصًا" معناه: خالصًا من هذه الخلال المذكورة في الحديث فقط لا في غيرها، وقال النوويّ: أي شديد الشبه بالمنافقين بهذه الخصال، وقال أيضًا في شرحه للبخاريّ: حصل من الحديثين أن خصال المنافقين خمسة، وقال في "شرح مسلم": قوله: "وإذا عاهد غدر" داخل في قوله: "وإذا ائتُمن خان"، يعني أنَّها أربعة، وقال الكرمانيّ: لو اعتبرنا هذا الدخول فالخمس راجعة إلى الثلاث، فتأمل، والحقّ أنَّها خمسة متغايرة عرفًا، وباعتبار تغاير الأوصاف واللوازم أيضًا.
ووجه الحصر فيها أن إظهار خلاف الباطن إما في الماليّات وهو إذا ائتُمن، وإما في غيرها، فهو إما في حالة الكدورة فهو إذا خاصم، وإما في حالة الصفاء فهو إما مؤكّدة باليمين، فهو إذا عاهد أو لا، فهو إما بالنظر إلى المستقبل فهو إذا وعد، وإما بالنظر إلى الحال، فهو إذا حدّث.
والحقّ أنَّها بالنظر إلى الحقيقة ثلاثٌ وإن كانت بحسب الظاهر خمسًا؛ لأن قوله: "وإذا عاهد غدر" داخل في قوله: "إذا ائتمن خان"، وقوله: "وإذا