للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر ابن قُدامة في جواز تكفين المرأة بالحرير احتمالين، وقال: أَقْيَسُهُما الجواز، لكن يكره، وكذلك يكره تكفينها بالمعصفر، ونحوه.

وقال الأوزاعيّ: لا يكفّن الميت في الثياب المصبغة، إلا ما كان من الْعَصْب؛ يعني: ما صُبغ بالعَصْب، وهو نبت ينبت باليمن.

وعند المالكية في التكفين بالحرير أقوال: (الجواز مطلقًا) لسقوط المنع بالموت، لكن يكره. (والمنع مطلقًا) إلا لضرورة، وهما محكيان عن مالك. (والثالث) قاله ابن حبيب: يجوز للنساء دون الرجال. وقال القاضي عياض، والنوويّ في "شرح مسلم": كره مالك، وعامة العلماء التكفين في الحرير مطلقًا انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، دماليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في معنى قول عائشة -رضي الله عنها-: "ليس فيها قميص، ولا عمامة":

(اعلم): أنهم اختلفوا فيه، فحمله الشافعيّ، والجمهور على أنه ليس في الكفن موجودًا، فلا يستحبّ ذلك. وحمله مالك، وأبو حنيفة على أنه ليس معدودًا، بل يَحْتَمِل أن يكون ثلاثة أثواب، زيادة على القميص والعمامة، ومثله قوله تعالى: {رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: ٢] فإنه يدلّ على أنّ ثَمَّ عَمَدًا، إلا أنها غير مرئيّة، والتقدير: بغير عمد مرئية لكم، وَيحْتَمِل أن يتناول الصفة والموصوف جميعًا (١).

قال العلامة ابن الملقّن رَحِمَهُ اللهُ: وهو حمل ضعيف؛ لعدم ثبوته في الحديث، بل يتضمّن أن القميص الذي غُسل فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نزع عنه عند تكفينه، ولا يتجه غير ذلك؛ لأنه لو كُفّن فيه مع رطوبته لأفسد الأكفان. انتهى (٢).

وقال الحافظ ولي الدين رَحِمَهُ اللهُ: الصحيح أن معناه ليس في الكفن قميص، ولا عمامة أصلًا، وقيل: معناه أنه كفّن في ثلاثة أثواب خارجة عن القميص والعمامة، قال الشيخ تقيّ الدين رَحِمَهُ اللهُ: والأول أظهر في المراد.

وذكر النوويّ في "شرح مسلم" أن الأول تفسير الشافعيّ، وجمهور


(١) "شرح النووي" ٧/ ٨.
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٤/ ٤١٦ - ٤١٧.