للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمجرور، قال في "المصباح": وضَرَّه إلى كذا، واضطَرَّه: ألجأه إليه، وليس له منه بُدٌّ. انتهى (١).

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وأما النهي عن القبر ليلًا حتى يُصَلَّى عليه، فقيل: سببه أن الدفن نهارًا يحضره كثيرون من الناس، ويصلّون عليه، ولا يحضره في الليل إلا أفراد، وقيل: لأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لرداءة الكفن، فلا يَبِين في الليل، ويؤيّده أول الحديث وآخره، قال القاضي: العلتان صحيحتان، قال: والظاهر أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قصدهما معًا، قال: وقد قيل هذا. انتهى (٢).

(وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا كَفَّنَ) بتشديد الفاء، وفي رواية النسائيّ: "إذا ولي أحدكم أخاه أي: تولّى تجهيز أخيه الميت (أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ) بضم الياء، من التحسين، وَيحْتَمِل أن يكون من الإحسان (كَفَنَهُ) قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: ضبطه أبو بحر: كَفْنه بسكون الفاء، وغيره بفتحها؛ يعني: الكفن نفسه، وهو الأولى. انتهى.

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: ضبطوه بوجهين: فتح الفاء، وإسكانها، وكلاهما صحيح، قال القاضي: والفتح أصوب، وأظهر، وأقرب إلى لفظ الحديث. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فعلى تسكين الفاء يكون مصدر كَفَنَ، قال في "المصباح": كَفّنتُه في بُرْد، ونحوه، تكفينًا، وكَفَنتُهُ، كَفْنًا، من باب ضرب، لغةٌ. انتهى؛ أي: يحسن فعلَ التكفين، فيشمل الثوب، وهيئته، وعمله، وعلى فتح الفاء يكون اسمًا للثوب الذي يكفّن فيه الميت، ويُجمَع على أكفان، مثل سَبَب، وأسباب؛ أي: يَجْعَل كفنه حسنًا.

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قال العلماء: وليس المراد بإحسان الكفن السَّرَف فيه، والمغالاة، ونَفَاسته، وإنما المراد نظافته، ونقاؤه، وكثافته، وستره، وتوسّطه، وكونه من جنس لباسه في الحياة غالبًا، لا أفخر منه، ولا أحقر. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المصباح" ٢/ ٣٦٠.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ١١.