وروى أبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، من رواية أبي ماجدة، عن ابن مسعود، قال: سألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المشي مع الجنازة؟، فقال:"ما دون الخبب" الحديث، قال الترمذيّ: حديث غريب، لا نعرفه من حديث ابن مسعود، إلا من هذا الوجه، وسمعت محمد بن إسماعيل يضعّفه، وقال: قال الحميديّ: قال ابن عُيينة: قيل ليحيى: مَن أبو ماجدة هذا؟ قال: طائر طار، فحدّثنا.
وقال النوويّ: اتفقوا على ضعفه، وأن أبا ماجدة مجهول، منكر الحديث.
وفي "الصحيحين" عن عطاء، قال: حضرنا مع ابن عبّاس جنازة ميمونة -رضي الله عنه- بسَرِفَ، فقال ابن عبّاس:"هذه ميمونة؛ إذا رفعتم نعشها، فلا تزعزعوه، ولا تزلزلوه، وارفُقُوا".
وفي "مصنّف ابن أبي شيبة" عن أبي موسى، قال: مُرّ على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بجنازة، وهي تَمْخَضُ كما يمخض الزِّقُّ، فقال:"عليكم بالقصد في جنائزكم"، ورواه البيهقيّ في "سننه" بلفظ: "عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم".
قال الجامع عفا الله عنه: وفي سنده ليث بن أبي سُليم، وهو متروك، والله تعالى أعلم.
قال ولي الدين: واستدلّ والدي رَحِمَهُ اللهُ في "شرح الترمذيّ" على أن المراد التوسط بين شدّة السعي، وبين المشي المعتاد بقوله في حديث أبي بكرة:"وإنا لنكاد أن نرمل"، قال: ومقاربة الرمَل ليس بالسعي الشديد، قال ولي الدين: وقد عرفتَ أن لفظ أبي داود "نرمُلُ".
وأجاب والدي عن قول ابن عباس أنه -والله أعلم- أراد الرفق في كيفية الحمل، لا في كيفية المشي بها، فإنه خَشِي أن تسقط، أو تنكشف، أو نحو ذلك، قال: وإن أراد الرفق في السير، فيَحْتَمِل أنه كان حصل لها ما يُخشى معه انفجارها، إن أزعجوها في السير، أو أن هذا رأي لابن عباس، والحديث المرفوع أولى بالاتباع. انتهى.
وجزم النووي في "الخلاصة" بذلك الاحتمال، فبوّب على هذه القضية