للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيشمل الإنس والجنّ، ولذا قال الله تعالى: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)} [الناس: ٥] ثم فسّر {النَّاسِ} فقال: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)} [الناس: ٦] (١).

ووقع في بعض النسخ: "أُناس"، وهما لغتان بمعنى واحد، وليس أحدهما مشتقًّا من الآخر على الراجح؛ لاختلاف مادّتهما، أفاده الفيّومي - رحمه الله - (٢).

(قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ)؛ أي: لأجل الصلاة عليه (فَأَخْبَرْتُهُ)؛ أي: باجتماعهم، وكثرة عددهم (فَقَالَ) ابن عبّاس (تَقُولُ: هُمْ أَرْبَعُونَ)؛ أي: تقدّر عددهم بأنهم أربعون رجلاً؟ (قَالَ) كريب (نَعَمْ، قَالَ (ابن عبّاس (أَخْرِجُوهُ)؛ أي: جنازته (فَإِنَّي) الفاء تعليليّة؛ أي: لأني (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا) نافية (مِنْ) زائدة لاستغراق الجنس، كما قال في "الخلاصة":

وَزِيدَ فِي نَفْيٍ أَوْ شِبْهِهِ فَجَرْ … نَكِرَةً كَـ "مَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ"

(رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً، لا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئاً) جملة في محل نصب صفة "رجلاً" (إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ) بتشديد الفاء: أي: قَبِل شفاعتهم.

قال التوربشتيّ - رحمه الله -: لا تضادّ بين حديث ابن عبّاس وحديث عائشة؛ لأن السبيل في أمثال هذا المقام أن يكون الأقلّ من العددين متأخّراً؛ لأن الله تعالى إذا وعد المغفرة في المعنى الواحد مرّتين، وإحداهما أيسر من الأخرى لم يكن من سنّته أن ينقص من الفضل الموعود بعد ذلك، بل يزيد عليه فضلاً منه وتكرُّماً على عباده. انتهى.

قال الطيبيّ - رحمه الله -: هذا كلام حسنٌ؛ حديث عائشة - رضي الله عنهما - فيه مبالغة وتشديد ليس في حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل قوله: "يصلّي عليه أمة من المسلمين" توطئةً لقوله: "يبلغون مائةً ثمّ أكده بقوله: "كلّهم يشفعون له". انتهى (٣).


(١) راجع: "المصباح" ٢/ ٦٣٠.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٢٦.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٣٩٦.