رَطْبٍ)؛ أي: جديد، وترابه رطبٌ بعدُ، لم تَطُل مدّته، فييبس.
وفي رواية للبخاريّ من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الشيبانيّ: مَرّ بقبر قد دُفِن ليلًا، فقال:"متى دُفن هذا؟ " قالوا: البارحةَ، قال:"أفلا آذنتموني"، قالوا: دفناه في ظلمة الليل، فكرهنا أن نوقظك، فقام، فصَفَفْنا خلفه، قال ابن عباس: وأنا فيهم، فصلى عليه.
(فَصَلَّى عَلَيْهِ) قال النوويّ رحمه الله: فيه دليل لمذهب الشافعيّ وموافقيه في الصلاة على القبور (وَصَفُّوا خَلْفَهُ)؛ أي: صفّ الصحابة -رضي الله عنهم - خلف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (وَكَبَّرَ أَرْبَعًا) قال ابن حبّان رحمه الله: في ترك إنكاره -صلى الله عليه وسلم- على من صلى معه على القبر بيان جواز ذلك لغيره، وأنه ليس من خصائصه. انتهى.
وتعفب بان الذي يقع بالتبعيّة لا ينهض دليلًا للأصالة.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التعقّب غير صحيح؛ إذ لو كان خاصًّا به -صلى الله عليه وسلم-، أو تبعًا له لبيّن أن هذه الصلاة لا تجوز إلا تبعًا لي، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: أخرج البخاريّ في "صحيحه" من طريق أبي معاوية، عن أبي إسحاق الشيبانيّ، عن الشعبيّ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: مات إنسان، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعوده، فمات بالليل، فدفنوه ليلًا، فلما أصبح أخبروه، فقال: لزما منعكم أن تعلموني؟ "، قالوا: كان الليلُ، فكرهنا -وكانت ظلمة- أن نَشُقّ عليك، فأتى قبره، فصلى عليه.
قال في "الفتح": وقع في شرح سراج الدين عمر ابن الملقّن، أنه الميت المذكور في حديث أبي هريرة الذي كان يقمّ المسجد، وهو وَهَمٌ منه، لتغاير القضتين، فقد تقدّم أن الصحيح في الأول أنها امرأة، وأنها أم مِحْجَن، وأما هذا فهو رجل، واسمه طلحة بن البراء بن عُمير، الْبَلَويّ، حليف الأنصار، روى حديثه أبو داود مختصرًا، والطبرانيّ من طريق عروة بن سعيد الأنصاريّ، عن أبيه، عن حسين بن وَحْوَح الأنصاريّ، وهو بمهملتين بوزن جعفر: أن طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقال: "إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به، وعجّلوا"، فلم يبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- بني سالم بن عوف حتى توفي، وكان قال لأهله، لما دخل الليل: إذا متّ، فادفنوني، ولا