للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السبعة، روى (٢٦٣٠) حديثَّا، وهو أحد المفتين المشهورين في عصره، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَن ابْنِ عُمَرَ، أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ) أي نسبه إلى الكفر، ورماه به، فقال له: يا كافر (فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا") معناه عند بعض أهل اللغة: احتملها، وعند بعضهم معناه: رجع بها، أي رجع وبال الكفر على القائل إن لَمْ يكن المقول له كذلك.

قال في "القاموس": باء بِذَنْبِهِ بَوْءًا، وبَوَاءَّ: احتمله، أو اعترف به. انتهى (١).

وقال الطيبيّ رحمه الله تعالى: معنى: "فقد باء بها" أي التزمها، ورجع بها، قال: ولا بدّ للرجوع والعود من الشيء، فإذا قال القائل لصاحبه: يا كافر، فإن صدق رجع إليه كلمة الكفر الصادر منه مقتضاها، وإن كذب، واعتقد بُطلان دين الإسلام، رجعت هذه الكلمة الصادرة إلى القائل. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: معنى"باء بها": أي رجع بإثمها، ولازم ذلك، قال الهرويّ: وأصل الْبَوْء: اللزوم، ومنه: "أبوء بنعمتك عليّ": أي أُقرّ بها، وألزمها نفسي، وقال غيره من أهل اللغة: إنّ باء في اللغة رجع بشرّ، والهاء في "بها" راجع إلى التكفيرة الواحدة التي هي أقلّ ما يدلّ عليها لفظ كافر، ويحتمل أن يعود إلى الكلمة، ونعني بهذا أن المقول له: يا كافر، إن كان كافرًا كفرًا شرعيًّا، فقد صدق القائل له ذلك، وذهب بها المقول له، وإن لَمْ يكن كذلك رجعت للقائل معرّة ذلك القول، وإثمه، و"أحدهما" هنا يعني به المقول له على كلّ وجه؛ لقوله: "إن كان كما قال"، وأما القائل، فهو المعنيّ بقوله: "وإلا رجعت عليه"، وبيانه بما في حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - الذي قال فيه: "من دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدوّ الله، وليس كذلك، وإلا حار عليه"، أي


(١) "القاموس" ص ٣٤.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٣١١٣.