للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرجل، وَيحْتَمِل أن لا يكون معتبرًا، وأن ذلك كان قبل اتخاذ النعش للنساء، فأما بعد اتخاذه، فقد حصل الستر المطلوب، ولهذا ترجم البخاريّ رحمه الله بقوله: "باب أين يقوم من المرأة والرجل؟ "، فأورده مورد السؤال، وأراد عدم التفرقة بين الرجل والمرأة، وأشار إلى تضعيف ما رواه أبو داود، والترمذيّ من طريق أبي غالب، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه صلّى على رجل، فقام عند رأسه، وصلّى على امرأة، فقام عند عجيزتها، فقال له العلاء بن زياد: أهكذا كان رسول الله على يفعل؟ قال: نعم.

وحَكَى ابن رشيد عن ابن المرابط أنه أبدى لكونها نفساء علّة مناسبة، وهي استقبال جنينها ليناله من بركة الدعاء. وتعُقّب بأن الجنين كعضو منها، ثم هو لا يُصلَّى عليه إذا انفرد، وكان سِقْطًا، فأحرى إذا كان باقيًا في بطنها أن لا يُقصد (١). انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله في "الفتح"، من تضعيف حديث أنس - رضي الله عنه - ليس كما ينبغي، فإنه صحيح، فقد أخرجه أبو داود (٣١٩٤)، والترمذيّ (١٠٣٤) بسند صحيح، ولفظ أبي داود:

(٣١٩٤) - حدثنا داود بن معاذ، حدثنا عبد الوارث، عن نافع أبي غالب، قال: كنت في سِكَّة الْمِرْبَد، فمرّت جنازة، معها ناس كثير، قالوا: جنازة عبد اللُّه بن عمير، فتبعتها، فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق، على بُرَيذِينته، وعلى رأسه خرقة، تقيه من الشمس، فقلت: مَن هذا الدهقان؟ قالوا:


(١) تعقّب الشيخ ابن باز رحمه الله كلام الحافظ هذا، وأجاد في ذلك، فقال: القول بعدم الصلاة على السقط ضعيف، والصواب مشروعيّة الصلاة عليه إذا سقط بعد نفخ الروح فيه، وكان محكومًا بإسلامه؛ لأنه ميت مسلم، فشُرعت الصلاة عليه كسائر موتى المسلمين، ولما روى أحمد، وأبو داود، والترمذيّ، والنسائي، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "والسقط يصلَّى عليه، ويُدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة"، وإسناده حسن، والله أعلم. انتهى كلام الشيخ ابن باز رحمه الله من هامش "الفتح" ٤/ ١٠٨ وهو تحقيق نفيسٌ، ولمزيد التحقيق راجع: ما كتبته في "شرح النسائيّ" (١٩/ ١٨٧ - ١٨٩) تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.
(٢) "الفتح" ٣/ ٥٦١ كتاب الجنائز.