للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالت طائفة: يقوم من المرأة وسطها، ومن الرجل عند صدره، هذا قول أحمد بن حنبل.

قال ابن المنذر: يقوم من المرأة وسطها، وعند رأس الرجل. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي رجّحه ابن المنذر رحمه الله هو الأرجح عندي؛ لصحة حديث أنس - رضي الله عنه -، كما تقدّم قريبًا، وهو مذهب الشافعيّ، وداود، وابن حزم -رحمهم الله تعالى-.

قال العلّامة الشوكانيّ رحمه الله بعد حكاية المذاهب: قد عرفت أن الأدلة دلّت على ما ذهب إليه الشافعيّ، وأن ما عداه لا مُستند له، من المرفوع، بل مجرّد التعويل على محض الرأي، أو ترجيح ما فعله الصحابيِّ على فعله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.

نعم لا ينتهض مجرّد الفعل دليلًا للوجوب، ولكن النزاع فيما هو الأولى والأحسن، ولا أولى، ولا أحسن من الكيفيّة التي فعلها المصطفى - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٢).

وقال في "الروضة النديّة" (ص ١٦٧): أقول: الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقف مقابلًا لرأس الرجل، ولم يثبت عنه غير ذلك، وأما المرأة، فروي أنه كان يقوم مقابلًا لوسطها، وروي أنه كان يقوم مقابلًا لعجيزتها، ولا منافاة بين الروايتين، فالعجيزة يصدُق عليها أنها وسط، وإيثار ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أئمة الفنّ الذين هم المرجع لغيرهم واجب، ولم يقل أحد من أهل العلم بترجيح قول أحد من الصحابة، أو من غيرهم على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفِعلِهِ، وهذا مما لا ينبغي أن يخفى. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله العلامة الشوكافيّ رحمه الله حسن جدًّا.

وحاصله أنه يقوم مقابل رأس الرجل، ومقابل وسط المرأة، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "الأوسط" باختصار/ ٤١٨ - ٤١٩.
(٢) "نيل الأوطار" ٤/ ٨٢، باب موقف الإمام من الرجل والمرأة.