للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسيأتي بيان اختلاف العلماء في حكم الركوب مع الجنازة في المسألة التالية- إن شاء الله تعالى-.

٢ - (ومنها): جواز ركوب الفَرَس الْعُرْيِ.

٣ - (ومنها): جواز مشي الجماعة مع كبيرهم، وهو راكب، وأنه لا كراهة فيه في حقّه، ولا في حقهم؛ إذا لم يكن فيه مفسدة، وإنما يكره ذلك إذا حصل فيه انتهاك للتابعين، أو خيف إعجاب ونحوه في حقّ المتبوع، أو نحو ذلك من المفاسد.

٤ - (ومنها): أن في قوله في رواية مسلم: "فعقله له رجل، فركبه"- أي أمسكه له، وحبسه- إباحةَ ذلك، وأنه لا بأس بخدمة التابع متبوعه برضاه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في سير الراكب مع الجنازة: قال الإمام أبو بكر بن المنذر رحمه الله: قد اختُلِف في هذا الباب، فروينا عن ابن عمر بأنه كان على بَغْل راكبًا أمام الجنازة، وكان علقمة، والنخعيّ يكرهان أن يتقدّم الراكب أمام الجنازة، وقال أحمد، وإسحاق: الراكب خلف الجنازة.

وكرهت طائفة الركوب في الجنازة، روينا عن ابن عباس بأنه قال: الراكب مع الجنازة كالجالس في أهله. ورُوي عن ثوبان أنه قال لرجل راكب في جنازة: تركب، وعبادُ الله يمشون، وأخذ بلجام دابّته، فجعل يَكْبَحُها (١). وروي عن الشعبيّ أنه قال كقول ابن عباس. وقد روينا عن ابن عباس رواية أخرى أنه رئي راكبًا في جنازة. وقال عبد الله بن رباح الأنصاريّ: للماشي في الجنازة قيراطان، وللراكب قيراط. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أرجح الأقوال عندي في هذه المسألة القول الأول، وحاصله أنه يجوز الركوب لمن يتبع الجنازة، وأن الأولى أن يكون خلفها، لما أخرجه أحمد، وأصحاب السنن عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -


(١) كبح الدّابة باللجام كَبْحًا، من باب نَفَع: جذبها به لتقف.
(٢) "الأوسط" ٥/ ٣٨٤ - ٣٨٦.