للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شمالها (١) جائز، والمشي أمامها أحبّ إليّ، لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - يمشون أمام الجنازة (٢)، ولأن عليه الأكثرَ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتابعين، ومن بعدهم.

فليُكثِر من تبع الجنازة، حيث مشى منها ذكرَ الموت، والفكر في صاحبهم، وأنهم صائرون إلى ما صار إليه، وليستعدّوا للموت، ولمَا بعده، سَهَّل الله لنا حسن الاستعداد، واللقاء به انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله (٣).

وقال الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله بعد أن ذكر الاختلاف بين العلماء في هذه المسألة ما نصّه:

قال أبو عمر: المشي أمام الجنازة أكثر عن العلماء، من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين، وهو مذهب الحجازيين، وهو الأفضل -إن شاء الله- ولا بأس عندي بالمشي خلفها، وحيث شاء الماشي منها؛ لأن الله عز وجل لم يَحظُر ذلك، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أعلمُ أحدًا من العلماء كَرِهَ ذلك، ولا ذكر أن مشي الماشي خلف الجنازة يُحبط أجره فيها، ويكون كمن لم يشهدها، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد الجنازة، حتى يصلي، فله قيراط، ومن شهدها حتى تُدفن كان له قيراطان"، ولم يخصّ الماشي خلفها من الماشي أمامها. انتهى كلام ابن عبد البر رحمه الله (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الإمامان الحافظان: أبو بكر بن المنذر، وأبو عمر بن عبد البرّ -رحمهما الله تعالى- في هذه المسألة هو الحقّ عندي.

وحاصله أن المشي أمام الجنازة، أفضل، لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وهو


(١) الظاهر أنه سقط من النسخة لفظة "وعن يمينها". والله تعالى أعلم.
(٢) الحديث مختلف في وصله وإرساله، وقد حققت ذلك في "شرح النسائي"، ورجحت وصله، فراجعه تستفد.
(٣) "الأوسط" باختصار ٥/ ٣٨٠ - ٣٨٤.
(٤) "الاستذكار" ٨/ ٢٢٢ - ٢٢٣. بتغيير نصّ الحديث بنصّ حديث البخاريّ رحمه الله تعالى.